سهوب بغدادي
عندما يتسارع الزمن بسرعة البرق، ولا تستوعب عقولنا التغييرات التي نشهدها بشكل يومي، بين «الترندات» والتقليعات والأخبار والمحتويات المبعثرة من كل حدب وصوب، حيث يصاب الشخص بحالة أشبه بالصدمة «صدمة المستقبل» ذلك الشعور بالقلق والإرهاق والانغماس الكلي الناتج عن التعرض لكثير من التغيرات والمحفزات في وقت قصير، إذ تعرف الصدمة بأنها شيء في الذاكرة ورواسب من الماضي تنتقل إلى الحاضر عبر الأقوال أو الأفعال أو الأفكار بسبب حدث غير متوقع وليس محببًا، إلا أن صدمة المستقبل، تعتبر صدمة متوقعة فأنت تعلم بتغير الأخبار والأحداث وأن بعضها لا محالة سيكون سلبيًا أو حزينًا وما إلى ذلك، إلا أنك تستمر وتستمر في الترض لذات المسبب، كما تتسم صدمة المستقبل بالحنين إلى الماضي والشعور بالقلق وأكثر الفئات التي تتعرض لتلك الظاهرة، الشباب في مقتبل حياتهم على اختلاف الأطر، كحديثي التخرج وحديثي الزواج، ثم مواضيع الأمومة والتربية في ظل اقتحام الإنترنت والوسائل التقنية المنازل ووصولها إلى أيدي الأطفال، أيضًا كبار السن الذين يعاركون شعور الغربة الزمانية والعزلة المكانية بين أهلهم، مما لا شك فيه، أن العصر الرقمي انعكس بآثاره على الفرد ففي اختياراته، فيصاب بإرهاب الاختيار أو عجز الاختيار، كذلك فقد يعاني الأطفال واليافعون من أزمة الهوية، أيضًا الانعزال عن الأهل والدخول في عوالم افتراضية، مما يعرقل اكتساب العلاقات الحقيقية على أرض الواقع، ومن أنجع الأساليب للحد ممن أثار صدمة المستقبل أن يكون الشخص واعٍ بها، وامتلاك مهارة التعلم المستمر، والمرونة الفكرية والنفسية، بغية التكيف مع المتغيرات والتسارع في المجالات الحياتية، والأهم هو الوعي بالذات وتحديد القيم والأولويات التي يرغب أن يكمل مشواره بها.

