: آخر تحديث

الثقافة النفسية والتوعية المنسية (2-2)

1
1
1

عبده الأسمري

تتباين الأعراض النفسية من خلال مستويات تبدأ بالبسيطة وتنتهي إلى حيث «المتاعب المزمنة» والتعقيد العميق الذي يستدعي «العلاج الدوائي» والسلوكي وحتى التحفظي منعاً لتفاقم الحالة، أو انتكاسها والدخول في «متاهات» مؤلمة من «العجز».

هنالك «خلل مزمن» يتعلق بمدى «الوقاية» من المرض النفسي وكيفية وضع «السياج» العالي الذي يحمي «النفس» من هجمات الظروف ومن موجات المتاعب من خلال «مناعة نفسية» تساهم في صناعة «التكيف»؛ لمواجهة التغيرات الحياتية أو العقبات المفاجئة وتوفير «التأقلم» المفترض للتعايش مع المواجع الفجائية والأوجاع المستجدة.

هنالك «نقص» يصل إلى حد «العدم» في توفير الثقافة النفسية اللازمة في محيطات «الأسر» وفي ميادين «الدراسة» ووسط محطات «العمل»، الأمر الذي أوجد لدينا أمراضا تتربص بالإنسان بسبب ظرف أو عائق أو مشكلة أو ضائقة وغيرها، والتي ترمي به في «متاهات» الإحباط وتمضي به إلى منعطفات «القنوط» فيتجلى «اليأس» في أفق التدبير وتتشكل خيوط «العارض المرضي» حتى تنسج «شباكها» على العقل والقلب وتستعمر «النفس» في «دوامة» تتطلب «التحرك العاجل» وتقتضي «الحل المستعجل».

لقد جهزت قبل زمن منهجا للمناعة النفسية، وقدمت على ضوئه دورات دقيقة وأعكف على تقديمه كمنهجية من مناهج العلاج السلوكي الذي ينفع المرضى النفسيين في كل مستويات الأعراض، مع وجوده كأساس من أسس الصحة النفسية وضرورة لا غنى عنها للأشخاص الأسوياء من خلال نفعه في رفع مستوى «الثقافة» لديهم، ووضع خطط استباقية قادرة على مواجهة «ويلات» الظروف ومجابهة هجمات «المتاعب» مع أهمية ذلك في التقليل من حجم «الوجع» في حالات الفقد ومواقف الحزن إضافة إلى وجوده كعامل «رئيسي» لصناعة النصح بين أفراد المجتمع، ونشر روح «العون الاجتماعي» من خلال تثقيف الآخرين وتوعية الغير في الأزمات وتدوير «النفع النفسي» بين أفراد المجتمع وتحويل الفرد إلى «ناصح أمين» يستمد طاقته «التوجيهية» من ثقافة «نفسية» زاخرة بالتعلم والفهم والاستيعاب والتركيز.

وبعد نجاح «المناعة النفسية» في رأب «صدوع» التعب وملء «فراغات» الإحباط بجرعات من «اليقين» أوجدت منهجا تكامليا أسميته «الدبلوماسية السلوكية»، وهي تلك المنهجية النفسية المعرفية والشخصية التي تعني بمواجهة ردات «الفعل» وتختص بحماية «النفس» من الوقوع في متاهات «الجدال» والسقوط في منحدرات «التجادل» ووقاية الإنسان من تضييع وقته وهدر طاقته، والإضرار بصحته نتيجة «حوارات» جانبية في «هوامش» الخلاف و«نقاشات» هائمة تهدد «النسيج النفسي» وتؤثر على الاتزان السلوكي، وتبدد قوى الرضا والتغافل والهدوء والرقي.

يظل الإنسان رهيناً لمحن متوقعة أو مفاجئة وماضياً على «دروب» متباينة من «التأكيد» و«التوقع»، وسائراً نحو محطات مستقبلية تستوجب «الحيطة» وتستدعي «الحذر» من الوقوع في «مصائد» الإحباط أو «مكائد» الخداع ويبقى في منظومة حياتية تتباين ما بين مد «الأمنيات» وجزر «المتغيرات»؛ مما يقتضي أن يمتلك «مخزوناً» من الثقافة النفسية التي ترسم له «إضاءات» التدبر و«إمضاءات» التبصر في تجارب مؤكدة تصنع «العبر» وتؤصل «الاعتبار».

على الإنسان الحصيف أن يغترف من «مشارب» العظة، وأن يبتعد عن «مسارب» الغفلة وأن يحافظ على «الاتزان» الفكري و«التوازن» السلوكي من خلال السير على الطرق «الواضحة»، وأن ينتبه للمنعطفات «المفاجئة» التي تعيق مسيرته وتؤخر خطواته من خلال ملء النفس بجرعات «التوعية السلوكية» الواجبة، والثقافة النفسية المستوجبة التي تعينه على تخطي عقبات «البأس» والوقاية من عواقب «اليأس».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد