إيلاف من الرباط: أجمع البرلمان المغربي، بغرفتيه، على تشكيل جبهة وطنية موحدة تمتد من طنجة شمالا إلى الكويرة جنوبا، دفاعا عن الوحدة الترابية للمملكة ودعما للموقف المغربي عقب صدور قرار مجلس الأمن رقم 2797، الذي تبنّى مقترح الحكم الذاتي كأساس وحيد وواقعي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وعبّر النواب والمستشارون، الإثنين خلال الجلسة البرلمانية المشتركة، عن اعتزازهم بالإجماع الوطني المتجدد حول القضية الأولى للمغاربة، مثمنين الدور الريادي للملك محمد السادس في تدبير هذا الملف بروح المسؤولية والوضوح الاستراتيجي.
محمد ولد الرشيد: مرحلة جديدة وحاسمة
أكد محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان)، أن القرار الأممي الأخير يمثل مرحلة جديدة وحاسمة في مسار القضية الوطنية، واعترافا دوليا بوجاهة الموقف المغربي، وإنصافا طال انتظاره لترسيخ الحق المشروع للمملكة في وحدتها الترابية والسيادية، بفضل الرؤية المتبصّرة للملك محمد السادس.
وأوضح ولد الرشيد أن "هذه اللحظة التاريخية تعبّر عن فخر الشعب المغربي بمسار وطني متواصل منذ أكثر من نصف قرن من العمل الدبلوماسي والسياسي دفاعا عن الوحدة الوطنية"، مؤكّدا أن الخطاب الملكي، الذي ألقاه محمد السادس عقب صدور القرار الأممي، يشكل خارطة طريق واضحة لتدبير المرحلة المقبلة، ومصدر إلهام لعمل المؤسسات الوطنية في ترسيخ المكتسبات وتحقيق المصالحة الشاملة.
وأشار إلى أن أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باتت تعتبر مبادرة الحكم الذاتي المغربية،الحل الجاد وذي المصداقية والوحيد لإنهاء النزاع المفتعل، باعتبارها الإطار الضامن للاستقرار والتنمية في المنطقة،وفرصة تاريخية لساكنة مخيمات تندوف من أجل العودة إلى وطنهم الأم والمشاركة في البناء الديمقراطي والتنمية الشاملة.
كما أبرز رئيس مجلس المستشارين المغربي أن هذا التحول الأممي يندرج ضمن نهج دبلوماسي متزن أرساه الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش، يقوم على الواقعية والإنصاف، معلنا أن "المنطقة اليوم تدخل مرحلة جديدة "تُطوى فيها صفحة التدبير وتُفتح فيها صفحة التغيير".
ودعا ولد الرشيد إلى إحياء روح الاتحاد المغاربي باعتباره مشروعا جماعيا للسلام والازدهار، وترسيخ مناخ السلم في الفضاءين المغاربي والإفريقي، مؤكدا أن الأقاليم الجنوبية أصبحت اليوم “فضاء منتجا للفرص” بفضل المشاريع المهيكلة والرؤية الملكية الهادفة إلى جعل الصحراء قاطرة للتنمية الإفريقية والتعاون جنوب–جنوب. كما شدد على مواصلة مجلس المستشارين الانخراط في الدبلوماسية البرلمانية دفاعا عن المصالح العليا للمملكة، وتعبئة الطاقات الوطنية لتعزيز حضور المغرب في المنتديات الإقليمية والدولية.
العلمي: القرار الأممي عربون ثقة في المغرب
من جهته، اعتبر  رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، أن قرار مجلس الأمن رقم 2797 الصادر في 31 أكتوبر 2025 يمثل تحولا تاريخيا في مسار قضية الوحدة الترابية للمملكة، واعترافا دوليا متجددا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
وأكد العلمي أن "هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، الذي دبر هذا الملف الوطني بحصافة وبعد نظر استراتيجي”، ما جعل المغرب يحقق انتصارات دبلوماسية متتالية ويكسب ثقة المنتظم الدولي.
وشدّد رئيس مجلس النواب المغربي على أن القرار الأممي الجديد يجسد “عربون ثقة من المجتمع الدولي” في النموذج السياسي والمؤسساتي المغربي، ويؤكد أن مخطط الحكم الذاتي أصبح السقف الوحيد للتفاوض، مما يعكس قوة الموقف المغربي ورصانته. كما نوه العلمي بـ“المجهود الإنمائي الاستثنائي والمستدام” الذي تعرفه الأقاليم الجنوبية بفضل التعليمات الملكية، معتبرا أن النموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية أصبح نموذجا يحتذى به في العدالة المجالية والاندماج الاقتصادي.
ولم يفت رئيس مجلس النواب توجيه التحية إلى القوات المسلحة الملكية التي تظل “سدا منيعا في وجه كل تهديد للوحدة الوطنية”، معلنا عن انفتاح المغرب على جميع أبنائه، وقال "ندعو إلى المصالحة مع إخواننا في مخيمات تندوف، وفق الرؤية الإنسانية التي أكدها الخطاب الملكي في 31 أكتوبر 2025". كما دعا المكونات السياسية والبرلمانية إلى مواصلة ترسيخ البناء المؤسساتي والانخراط في رهانات الصعود الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والمجالية، انسجاما مع التوجيهات الملكية وتجديد أساليب العمل لخدمة الوطن والمواطن.
مبادرة الحكم الذاتي.. رؤية مغربية واقعية لحل النزاع
تُعد مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب سنة 2007 تجسيدا عمليا لمبدأ السيادة الوطنية ومفهوم تقرير المصير في آن واحد، إذ تمنح الأقاليم الجنوبية صلاحيات تشريعية وتنفيذية واسعة في إطار نظام حكم ذاتي موسع، يتيح للساكنة إدارة شؤونهم المحلية ديمقراطيا مع احتفاظ الدولة المغربية بصلاحياتها السيادية في مجالات الدفاع والأمن والعلاقات الخارجية.
وترتكز المبادرة على نقل واسع للسلطات في التعليم والصحة والتشغيل والتنمية المحلية، مع العناية بالثقافة الحسانية كرافد من روافد الهوية المغربية الموحدة. كما تنص على آليات دستورية وإنسانية متقدمة، من بينها إدراج نظام الحكم الذاتي في الدستور المغربي، وإعلان العفو العام، وعودة اللاجئين في أفق مصالحة وطنية شاملة.
وقد حظيت هذه المبادرة منذ إطلاقها بدعم متزايد من المنتظم الدولي باعتبارها الحل الواقعي والنهائي للنزاع المفتعل، ورافعة لتحقيق السلم والاستقرار والتنمية في منطقة الساحل والصحراء.


			
			