: آخر تحديث

غياب ضعف وتراجع!

3
2
3

بين غياب الجمهور وضعف العروض وتراجع البريق، ظهر مهرجان الرياض للمسرح في دورته الثالثة المنصرمة قبل أيام، والذي يُعد إحدى أهم المبادرات التي أطلقتها هيئة المسرح والفنون الأدائية في وزارة الثقافة، بوصفه نافذة رسمية للاحتفاء بالحراك المسرحي المحلي، ومساحة للتنافس الإبداعي وتبادل الخبرات، غير أن هذه الدورة جاءت محمّلة بعدد من الملاحظات التي أثرت بشكل مباشر في صورته العامة وبريقه المتوقع، قياساً بحجم الجهة المنظمة وأهمية الحدث، أولى هذه الملاحظات تمثلت في عدم وجود حفل افتتاح وحفل ختام للمهرجان، وهو أمر يُعدّ خروجاً عن الأعراف المتعارف عليها في المهرجانات المسرحية محلياً وعربياً ودولياً، حيث يُشكّل حفل الافتتاح الإعلان الرمزي والرسمي لانطلاق التظاهرة، بينما يُعد حفل الختام لحظة التتويج والاحتفاء وتوزيع الجوائز، غياب هذين الحدثين أفقد المهرجان شيئاً من هيبته وبريقه، وجعله يبدو أقرب إلى سلسلة عروض مسرحية متتابعة، لا إلى مهرجان يحمل هوية وطقوساً واضحة، وهو ما انعكس على الحضور الإعلامي والتفاعل العام مع الحدث، ومن أبرز الإشكالات التي لوحظت في هذه الدورة ضعف أغلب العروض المسرحية من حيث الشكل والمضمون معاً، فقد طغى جانب الإخراج والاستعراض والسينوغرافيا والمؤثرات الصوتية والبصرية على حساب النص المسرحي وأداء الممثلين، فالنص والممثلون هما الركيزتان الأساسيتان لأي عرض مسرحي متماسك، هذا الخلل لم يكن مجرد انطباع عام بل أشارت إليه بوضوح توصيات لجنة التحكيم التي نبهت إلى ضعف النصوص وقلة العناية بالأداء التمثيلي، وطالبت بضرورة إعادة النظر في آليات اختيار الأعمال، وأن تكون لجنة الفرز أكثر دقة وصرامة في انتقاء العروض المشاركة، بما يضمن مستوى فنياً يليق باسم المهرجان ومكانته، ومن الملاحظات اللافتة أيضاً، غياب نشرة المهرجان الورقية وهي النشرة الإعلامية التي اعتادت المهرجانات المسرحية أن تصدرها يومياً لنقل الأخبار والفعاليات والندوات والانطباعات، بالصورة والكلمة، اكتفى القائمون على المهرجان بنسخة إلكترونية باهتة الحضور «لا من شاف ولا من درى» الأمر الذي أفقد المهرجان بريقه الإعلامي وتواصله المباشر مع الجمهور القليل الحضور، فالنشرة الورقية لا تؤدي فقط وظيفة إعلامية، بل تُعد وثيقة أرشيفية وشاهداً ثقافياً على المهرجان، وغيابها يعني خسارة جزء من ذاكرة الحدث وتأثيره، وسط هذا المشهد العام برزت مسرحية « الصرام » كاستثناء لافت، حصدت أغلب جوائز المهرجان واستحقت جائزة أفضل عرض متكامل عن جدارة، لأنها جاءت متكاملة من حيث النص والإخراج والأداء، خلاصة القول: المهرجان وبرغم أهميته الفنية عانى من غياب الاحتفالية وضعف المستوى الفني لمعظم العروض، وتراجع الحضور الإعلامي، وافتقاده للتواصل مع الوسط المسرحي الأوسع وهي ملاحظات لا تقلل من قيمة المهرجان، بقدر ما تشكل دعوة جادة لمراجعة التجربة، وتصحيح المسار في الدورات المقبلة ليعود المهرجان بريقاً حقيقياً للمسرح السعودي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد