إيلاف من أبوظبي والرياض: أعلنت وزارة الدفاع في دولة الإمارات العربية المتحدة، مساء الثلاثاء، إنهاء ما تبقى من تواجد لفرق مكافحة الإرهاب في اليمن "بمحض إرادتها"، في خطوة جاءت بعد يوم عاصف شهد ضربة جوية سعودية على ميناء المكلا، وإلغاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني لاتفاقية الدفاع المشترك مع أبوظبي، وإنذاراً بالإخلاء خلال 24 ساعة.
البيان الإماراتي: "تقييم شامل للمرحلة"
في بيان رسمي أصدرته وزارة الدفاع الإماراتية، أكدت أن دولة الإمارات "شاركت ضمن التحالف العربي منذ عام 2015 دعماً للشرعية في اليمن، ولدعم الجهود الدولية في مكافحة التنظيمات الإرهابية، ولتحقيق أمن واستقرار اليمن الشقيق، وقد قدّم أبناء الإمارات تضحيات جسيمة في سبيل تحقيق هذه الأهداف".
وأشارت الوزارة إلى أن "القوات المسلحة الإماراتية أنهت وجودها العسكري في الجمهورية اليمنية عام 2019 بعد استكمال المهام المحددة ضمن الأطر الرسمية المتفق عليها، فيما اقتصر ما تبقى من تواجد على فرق مختصة ضمن جهود مكافحة الإرهاب وبالتنسيق مع الشركاء الدوليين المعنيين".
وأضافت: "نظراً للتطورات الأخيرة وما قد يترتب عليها من تداعيات على سلامة وفاعلية مهام مكافحة الإرهاب، فإن وزارة الدفاع تعلن إنهاء ما تبقى من فرق مكافحة الإرهاب في اليمن بمحض إرادتها، وبما يضمن سلامة عناصرها، وبالتنسيق مع الشركاء المعنيين".
وشددت على أن "هذا الإجراء يأتي في إطار تقييم شامل لمتطلبات المرحلة، وبما ينسجم مع التزامات دولة الإمارات ودورها في دعم أمن واستقرار المنطقة".
بيان صادر عن وزارة الدفاع في دولة الإمارات العربية المتحدة
— وزارة الدفاع |MOD UAE (@modgovae) December 30, 2025
بالإشارة إلى البيان الصادر عن وزارة الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم الثلاثاء الموافق 30/12/2025 حول الأحداث الجارية في الجمهورية اليمنية، وما تضمنه من حقائق بشأن تواجد القوات المسلحة الإماراتية في اليمن… pic.twitter.com/DmgeUV7bpT
الخارجية الإماراتية: رفض قاطع للاتهامات
في وقت سابق من اليوم نفسه، أصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بياناً رفضت فيه "بشكل قاطع أي محاولة لتورطها في التوترات بين الأطراف اليمنية"، وأدانت "مزاعم الضغط أو توجيه أي طرف يمني للقيام بعمليات عسكرية تهدد أمن المملكة العربية السعودية الشقيقة أو تستهدف حدودها".
ودعت الخارجية الإماراتية إلى أن "التعامل مع التطورات الأخيرة يجب أن يتم بمسؤولية وبطريقة تمنع التصعيد، بناءً على حقائق موثوقة والتنسيق القائم بين الأطراف المعنية، بما يحفظ الأمن والاستقرار ويصون المصالح المشتركة ويسهم في دعم مسار الحل السياسي وإنهاء الأزمة في اليمن".
وأعربت الإمارات عن "مفاجأتها" من الضربة الجوية السعودية، نافية أن تكون الشحنة التي استُهدفت تحتوي على أسلحة، ومؤكدة أنها كانت موجهة للقوات الإماراتية العاملة في اليمن.
الضربة الجوية السعودية: استهداف شحنة عسكرية في المكلا
في ساعات الصباح الأولى من يوم الثلاثاء، نفذ تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية "ضربة جوية وقائية" استهدفت شحنة عسكرية في ميناء المكلا بمحافظة حضرموت.
أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف، اللواء الركن تركي المالكي، أن قوات التحالف الجوية قامت صباح الثلاثاء بتنفيذ عملية عسكرية "محدودة" استهدفت أسلحة وعربات قتالية أُفرغت بميناء المكلا.
وأوضح المالكي أنه في يومي السبت والأحد 27-28 ديسمبر 2025، دخلت سفينتان قادمتان من ميناء الفجيرة الإماراتي إلى ميناء المكلا "دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف".
وأشار إلى أن طاقم السفينتين "قام بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين، وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع".
واعتبر المالكي أن ذلك "مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحل سلمي، وكذلك انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لعام 2015".
وقال المالكي: "استناداً لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، لقوات التحالف باتخاذ جميع التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي حضرموت والمهرة، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة)".
وأكد أن العملية نُفذت "بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية، وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية"، مشيراً إلى أنه لم تُسجل أي إصابات أو أضرار جانبية.
البيان السعودي: "خطوات بالغة الخطورة"
في بيان نادر وشديد اللهجة، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن "أسفها لما قامت به دولة الإمارات من ضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية في محافظتي حضرموت والمهرة".
واعتبرت السعودية أن هذه الخطوات "تُعد تهديداً للأمن الوطني للمملكة، والأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية والمنطقة".
وقالت الخارجية السعودية إن "تلك الخطوات التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة تُعد بالغة الخطورة، ولا تنسجم مع الأسس التي قام عليها تحالف دعم الشرعية في اليمن، ولا تخدم جهوده في تحقيق أمن اليمن واستقراره".
وشددت السعودية على أن "أي مساس أو تهديد لأمنها الوطني هو خط أحمر لن تتردد المملكة حياله في اتخاذ جميع الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهته وتحييده".
وجددت الرياض تأكيدها أن "القضية الجنوبية في اليمن قضية عادلة، لها أبعادها التاريخية، والاجتماعية، وأن السبيل الوحيد لمعالجتها هو عبر طاولة الحوار ضمن الحل السياسي الشامل في اليمن، الذي ستشارك فيه جميع الأطياف اليمنية بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي".
وشددت الخارجية السعودية على "أهمية استجابة الإمارات لطلب اليمن بخروج قواتها العسكرية من الجمهورية اليمنية خلال 24 ساعة، وإيقاف أي دعم عسكري أو مالي لأي طرف كان داخل اليمن".
وختمت السعودية بيانها بالقول إنها "تأمل أن تسود الحكمة وتغليب مبادئ الأخوة، وحسن الجوار، والعلاقات الوثيقة التي تجمع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومصلحة اليمن، وأن تتخذ الإمارات الخطوات المأمولة للمحافظة على العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين".
العليمي: إلغاء اتفاقية الدفاع وحالة طوارئ
في خطاب تلفزيوني مساء الثلاثاء، أعلن رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، إلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات، قائلاً إن "دور الإمارات أصبح موجهاً ضد الشعب اليمني".
وطالب العليمي جميع القوات الإماراتية بمغادرة الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، متهماً الإمارات بـ"الضغط والتوجيه" على المجلس الانتقالي الجنوبي "لتقويض السلطة الشرعية والتمرد عليها من خلال التصعيد العسكري".
وقال العليمي إن "اليمن لا يمكنه تحمل فتح جبهات جديدة من الاستنزاف"، مشيراً إلى أن القيادة اليمنية "قوية بفضل دعم التحالف (العربي) بقيادة السعودية".
كما أعلن العليمي حالة طوارئ لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد، وحظراً لمدة 72 ساعة على الحركة الجوية والبرية والبحرية في جميع نقاط الدخول اليمنية، باستثناء ما يصدره التحالف.
وأعلن نشر قوات "درع الوطن" للسيطرة على المعسكرات في حضرموت والمهرة، ومنح محافظي المحافظتين صلاحيات لإدارة شؤونهما المحلية.
خلفية الأزمة: التصعيد الأحادي للمجلس الانتقالي
دفع "التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي في شرق اليمن بدعم إماراتي"، تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية إلى "اللجوء إلى مسار الحزم لفرض الاستقرار السياسي والأمني في اليمن بعد أسابيع من محاولات لنزع فتيل الأزمة".
في أوائل ديسمبر 2025، شن المجلس الانتقالي الجنوبي عملية عسكرية واسعة في جنوب اليمن، وسيطر في غضون أيام على محافظتي حضرموت والمهرة، اللتين تشكلان معاً نحو نصف مساحة اليمن.
حضرموت، التي تحد السعودية، تحتوي على نحو 80% من احتياطيات اليمن النفطية، بينما تحد المهرة سلطنة عمان.
وكان وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان قد دعا المجلس الانتقالي الجنوبي إلى "الاستجابة لجهود الوساطة السعودية-الإماراتية والانسحاب من المحافظتين الجنوبيتين وتسليمهما سلمياً إلى قوات درع الوطن والسلطات المحلية"، مؤكداً أن "القضية الجنوبية ستبقى حاضرة في أي تسوية سياسية شاملة ويجب حلها من خلال التوافق، وليس من خلال المغامرات التي لا تخدم سوى عدو الجميع".
التزام التحالف بخفض التصعيد
أكد المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية، تركي المالكي، "استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي حضرموت والمهرة، ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف إنجاح جهود السعودية والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع".
* المصادر: وزارة الدفاع الإماراتية، وزارة الخارجية الإماراتية، وزارة الخارجية السعودية، المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية، وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، وكالة الأنباء السعودية (واس).


