إيلاف من الرباط: تواجه برامج التخييم التي تشرف عليها وزارة الشباب والثقافة والتواصل في المغرب تحديات هيكلية تتمثل في ضعف البنيات التحتية وغياب مراكز جديدة تستجيب لمعايير الجودة، مقابل تزايد أعداد المستفيدين من هذا الورش الوطني.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الوزارة، بحسب الوزير محمد المهدي بنسعيد، إلى بناء "برنامج وطني مستدام من أجل طفولة مواطنة وآمنة"، لا تزال مراكز التخييم تعاني من هشاشة في بنياتها الأساسية، ما يجعلها غير قادرة على استيعاب أكثر من 200 ألف طفل وشاب سنويًا.
وقال بنسعيد، في افتتاح المناظرة الوطنية للتخييم التي انطلقت أشغالها الأربعاء بالرباط، إن "البرنامج الوطني للتخييم ليس مجرد نشاط موسمي، بل مؤسسة تربوية واجتماعية ورافعة لترسيخ قيم المواطنة". غير أنه شدد على صعوبة الاستمرار في البنيات القديمة، أمام الارتفاع المضطرد في أعداد المستفيدين، مؤكداً أن التحدي الراهن يتمثل في "تسريع تأهيل المراكز القائمة وبناء جيل جديد منها يستجيب لمعايير الجودة من خلال فضاءات رياضية وفنية حديثة".
وأشار الوزير بنسعيد إلى أن حجم الرهان يتجاوز توسيع العرض التربوي، ليشمل "تحديث البرامج البيداغوجية (التربوية) وجعلها أكثر جاذبية للشباب في ظل التحول الرقمي، إضافة إلى تطوير البوابة الوطنية للتخييم، والاعتراف بدور المؤطرين عبر برامج دائمة لتقوية الكفاءات".
وأضاف بنسعيد أن التحديات لا تقف عند حدود البنيات أو التأطير، بل تمتد إلى "التمويل الموسمي وغير المستدام، الذي يجعل التخييم نشاطا صيفيا ظرفيا بدل أن يتحول إلى مؤسسة مفتوحة طيلة السنة". كما أشار إلى أن ضعف الاندماج بين مراكز التخييم ومحيطها الاقتصادي والاجتماعي "يحدّ من أثرها التنموي ويجعلها معزولة عن دينامية المجالات المحلية".
وتسعى الوزارة، وفق الوزير بنسعيد، إلى تجاوز هذه الاختلالات عبر مقاربة تشاركية تهدف إلى ربط مراكز التخييم بمحيطها الترابي والاجتماعي، والانفتاح على القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، في أفق وضع رؤية استراتيجية تمتد إلى عام 2030.
ويشارك في المناظرة ممثلون عن مؤسسات حكومية وهيئات مدنية، من بينها الجامعة الوطنية للتخييم، والمرصد الوطني لحقوق الطفل، ووزارة التربية الوطنية، إلى جانب فاعلين تربويين وخبراء، بهدف اقتراح حلول واقعية تضع الطفولة في صلب السياسات العمومية.
وتتواصل الجلسات العامة والورشات الموضوعاتية إلى غاية يوم غد (الخميس)، لبلورة "نموذج جديد للتخييم" يقوم على الجودة والحكامة والتمويل المستدام، من خلال تطوير منظومة التكوين، وتعزيز الترسانة القانونية، ودعم التحول الرقمي في التدبير والتتبع، إلى جانب البحث عن شراكات جديدة تضمن استمرارية الأنشطة التربوية على مدار السنة.


