فيصل الشامسي
في الثالث من نوفمبر من كل عام، تتجلّى مشاعر العزّة والفخر في قلوب أبناء الإمارات، وهم يشاهدون راية الوطن ترفرف عالية في سماء المجد، معلنة أن الاتحاد باقٍ ما بقيت أرواح تؤمن بأن حب الوطن ليس شعاراً يُرفع، بل عهد يصان، وولاء ثابت.
في يوم العلم، نرفع تاريخاً من التضحيات والإنجازات والجهود المخلصة، ونعلن وفاءنا لوالدنا المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه الآباء المؤسسين، حيث خطوا بإيمانهم الراسخ ومساعيهم الصادقة ملامح الاتحاد، الذي جعل من هذا العلم رمزاً للكرامة والسيادة والإنسانية.
قيم الآباء المؤسسين تتلألأ في سماء المجد بوضعهم اللبنات الأولى لدولة قوية تنعم بالأمن والرخاء، حملوا راية الوطن في قلوبهم، وساروا بخطى ثابتة في طريق الوحدة، يتقاسمون الرؤية والهم والمصير، ومنذ تلك اللحظة المشرقة في تاريخ وطننا المجيد، لم يكن علم الإمارات مجرد راية، بل مرآة لروح وطنية لا تعرف المستحيل.
ها نحن اليوم نرى ثمرة تلك الجهود المباركة في وطن يتصدر مؤشرات التنمية، ويرفع رايته في المحافل الدولية رمزاً للريادة والصدارة والسلام، لم تكن هذه المكانة وليدة صدفة، بل كانت ثمرة رؤية بعيدة المدى، وإرادة قيادة آمنت بأن الإنسان هو أغلى ما تملك الأوطان، وأن الاستثمار في عقول أبنائها هو الضمان الحقيقي لاستمرار رفعة رايتها في سماء العز.
واليوم، نعيش في ظل قيادة حكيمة برؤية عميقة سديدة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي حمل الأمانة بوفاء وإخلاص، وسار على نهج الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في تعزيز الاتحاد وتحصين الوطن وبناء الإنسان، فبحكمته وحنكته أصبحت الإمارات نموذجاً عالمياً في التلاحم الوطني، والريادة التنموية، والأمن والاستقرار، حتى غدت رايتها خفاقة فوق ميادين الشرف والإنجاز ومواطن الإنسانية حول العالم.
يوم العلم هو تجديد للعهد والوفاء، وتأكيد على أن الانتماء والولاء للوطن والقيادة الحكيمة خط أحمر لا يمس، ففي هذا اليوم تتوحد القلوب قبل الأيادي، وترتفع الأصوات بالدعاء للوطن والقيادة الحكيمة، وتفيض المشاعر بالانتماء الذي لا يتزعزع، إنه يوم يعيد إلى الأذهان أن الاتحاد لم يكن صدفة، بل ثمرة كفاح طويل وإيمان راسخ بأن «البيت متوحد»، وأن العلم هو عهد الشرف والكرامة لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة.الوفاء للوطن ليس كلمات ترددها الألسن، بل سلوك يتجسد في العمل والالتزام. إن يوم العلم يذكرنا بمسؤوليتنا جميعاً في الحفاظ على ما تحقق من إنجازات، فكل فرد في المجتمع هو حارس لهذا الوطن وحامل رايته، فالأسرة تتحمل مسؤولية غرس قيم الولاء والانتماء في نفوس الأبناء، وتعليمهم أن حب الوطن ليس شعوراً عابراً، بل هو التزام وسلوك يومي يترجم بالعمل والصدق والإخلاص، الأسرة هي المدرسة الأولى ولبنة الأساس في بناء الفرد المعتز بوطنه، الوفي لقيادته، المفاخر بهويته وقيمه.
أما الموظف، فهو على ثغر من ثغور الوطن، ومسؤوليته أن يقدم المصلحة الوطنية العليا على مصالحه الشخصية الضيقة، وأن يؤدي واجبه بإخلاص ونزاهة، لأن الأمانة في العمل هي أحد أشكال الولاء للوطن، فازدهار الوطن لا يتحقق إلا بعزيمة أبنائه المخلصين، وبروح المسؤولية والانضباط التي تُعلي قيمة الوطن فوق كل اعتبار.
وفي المقابل، فإن الشباب هم معقد الأمل، وهم طاقة الحاضر وبناة المستقبل، وعليهم أن يكونوا قدوة في العلم والعمل والتمسك بالقيم، وأن يحملوا راية وطنهم في ميادين المعرفة والابتكار، مستنيرين بقيمه وهويته الأصيلة، فالشباب هم خط الدفاع الأول لوطنهم، وهم الأقدر على نقل رسالته الحضارية للعالم.
الدفاع عن الوطن في كل ساحة، وفي كل ميدان يسهم في رفعته وصون مكتسباته، فالمعلم الذي يبني العقول يدافع عن الوطن بعلمه، والطبيب الذي يحمي الأرواح يذود عنه بجهده، والإعلامي الذي يصون الكلمة من الانحراف يحرس الوعي من التزييف، والمفكر الذي يواجه الأفكار الهدامة بالفكر المستنير يشارك في معركة صون الأفكار التي لا تقل خطراً عن أي معركة أخرى.
إن حماية الوطن تبدأ من الإخلاص في العمل، ومن الوعي بخطورة الانجرار خلف الولاءات المشبوهة أو الانتماءات الحزبية المسمومة التي تضعف روح الانتماء الوطني، فالمواطنة الحقة هي أن تكون وفياً لوطنك، وأن يكون ولاؤك لقيادتك في السر والعلن، وأن تضع مصلحته فوق كل اعتبار، وأن تكون عيناً ساهرة على فكره وهويته وقيمه.
وحب الوطن وولاؤنا لقيادته لا يقاسان بما نردده من كلمات، بل بما نقدمه من أفعال صادقة، وجهود مثمرة، وتضحيات في سبيل رفعته وعلو شأنه، فكل إنجاز نحققه هو عهد متجدد بأن نبقى أوفياء لهذه الأرض الطيبة.
حين ترفرف راية الإمارات، فإنها لا ترفرف فحسب على سارية، بل ترفرف في قلوب أبنائها، وفي كل إنجاز يسجَّل باسم الوطن، هي راية صنعها الإيمان، وثبّتها الولاء، وحماها الإخلاص، ومن واجب كل واحد منا أن يحافظ على هذا الإرث العظيم، وأن يكون لبنة في صرح الاتحاد الشامخ، بالعزيمة والوفاء والولاء.
في يوم العلم، نقف جميعاً صفاً واحداً خلف قيادتنا الحكيمة، نجدد العهد على أن نظل أوفياء للوطن ولقيادتنا الحكيمة، حماة لقيمه، مخلصين لرسالته، عاملين من أجل رفعته، فالعلم ليس مجرد رمز وطني، بل هو عنوان المجد، وشاهد على تضحيات الماضي، ودليل على وفاء الحاضر، وبوابة نحو مستقبل أكثر إشراقاً، يليق بدولة آمنت بأن الإنسان هو الثروة، وأن الولاء للوطن هو أسمى مراتب العزّ والكرامة.
إن حب الوطن والولاء للقيادة ليس شعارات ترفع، بل أفعال تجسد على أرض الواقع، يظهر الولاء في الجد والاجتهاد، والإخلاص في العمل، والتفاني في خدمة الوطن، وبذل الغالي والنفيس من أجل أن تبقى راية الإمارات مرفوعة في سماء العز والمجد.

