علي محمد الحازمي
أسهمت كل من الإيرادات النفطية وغير النفطية في ارتفاع الإيرادات الفعلية لعام 2024م عن المستهدف. شهدت الإيرادات النفطية تحسّنًا، بينما كانت الإيرادات غير النفطية هي المحرك الأبرز لهذا الارتفاع، بفضل النمو المتسارع في القطاعات الاقتصادية غير النفطية. وتجسّد هذه النتائج ثمرة الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة في تنفيذ إستراتيجية تنويع الاقتصاد، والتي تشمل تعزيز الأنشطة غير النفطية وتوسيع قاعدة الإيرادات من خلال مشاريع متعددة في قطاعات مثل السياحة، والتقنية، والطاقة المتجددة. وفي ظل تلك المؤشرات، تسهم هذه الجهود في تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات، مما يعزز من استدامة المالية العامة ويحقق التنوع الاقتصادي المنشود.
أظهرت النتائج الفعلية لميزانية المملكة 2024 سياسة مالية في الإنفاق ترتكز على مبدأ سياسة الاستدامة المالية والنمو الاقتصادي المستدام، وهو ما يعكس التوجه نحو تحقيق التوازن بين دعم المشاريع التنموية والمبادرات التحولية، وبين الحفاظ على استدامة الموارد المالية. ومن خلال تنفيذ مشاريع ومبادرات رؤية السعودية 2030 بشكل فعّال، استطاعت الحكومة تحقيق نتائج إيجابية واضحة، حيث تم توجيه الإنفاق الاستثماري نحو مجالات إستراتيجية مثل تطوير البنية التحتية وتعزيز القدرات التكنولوجية، مما أتاح استغلال الفرص الاقتصادية الناشئة.
قادت هذه السياسات في تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، حيث أصبح هناك وضوح أكبر في تخصيص الموارد للمشاريع ذات الأثر طويل المدى. هذا التوجه أسهم في بناء قاعدة صلبة للثقة في الاقتصاد السعودي ورفع حجم الاستثمارات المستقطبة والمشتركة بين السعوديين والأجانب، وهذا يعني مزيداً من التنوع، وفرص العمل، والنمو للشركات الصغيرة والمتوسطة، وغيره؛ مما ينعكس إيجاباً على تحسين مستوى الاستقرار الاقتصادي وجودة الحياة.
يعتبر التخطيط طويل المدى في المالية العامة للمملكة إستراتيجية محورية وجزءاً لا يتجزأ لبناء مستقبل آمن ومستدام -بإذن لله-. من خلال تحديد أهداف مستقبلية متوسطة وطويلة المدى، يمكن للمملكة إنشاء خارطة طريق واضحة لاتخاذ قرارات مستنيرة يُمكن الحكومة من التخطيط الفعال للإنفاق العام والاستثمار وتعزز من القدرة على التعامل مع التحديات الاقتصادية العالمية المتغيرة.