إيلاف من الرياض: شهدت العاصمة الرياض حراكًا إعلاميًا بارزًا مع انطلاق المنتدى السعودي للإعلام 2025 في نسخته الرابعة، حيث افتتح وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري الفعاليات التي تمتد على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة واسعة من قادة الصناعة والمتحدثين البارزين، يتقدمهم وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان.
وافتتح الدوسري فعاليات اليوم الأول من المنتدى السعودي للإعلام 2025 بتأكيد أن "كل يوم يمرّ دون الذكاء الاصطناعي يساوي أعواماً من التأخر"، مشيرًا إلى أن مستقبل الإعلام يرتكز على الخوارزميات التنبئية، والروبوتات الصحافية، والبيانات الضخمة، وتقنيات الواقع المختلط والافتراضي، حيث تتحول السعودية إلى "مختبر عالمي مفتوح للأفكار الكبرى".
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري متحدثا أمس خلال فعاليات المنتدى السعودي للإعلام 2025 © واس
وصف الدوسري "صناعة التأثير" بأنها "الحاسة السابعة" لكل إعلامي، مؤكدًا أن المملكة أصبحت مركزًا عالميًا لاستضافة الفعاليات الكبرى، من إكسبو 2030 إلى كأس العالم 2034، حيث تندمج تجربة الحدث مع تقنيات الواقع المعزز والبث الذكي. وكشف عن أولويات عام التأثير الإعلامي، التي تشمل تطوير استراتيجية الإعلام غير الربحي، وتنظيم مؤتمر دولي لمستقبل الأخبار في الرياض، واستكمال رقمنة أرشيف وكالة الأنباء السعودية، وافتتاح مقر الزمالات الصحافية الإخبارية، ووضع وثيقة حوكمة للإعلانات الرقمية، إضافة إلى إنشاء معمل الذكاء الاصطناعي للإعلام.
وقد تناولت الجلسات نقاشات متنوعة حول تحولات الإعلام، وتأثير الذكاء الصناعي، والاقتصاد الرقمي، إلى جانب استعراض تجارب ملهمة من صناع التأثير. كما وفر المنتدى فرصًا للتدريب من خلال غرف العصف الذهني، التي ركزت على صناعة المحتوى الرقمي، والإعلانات، والوثائقيات.
إعلاميون لـ"إيلاف": قصة نجاح تكتب في السعودية
وفي جولة في المنتدى، عبّر الإعلامي الدكتور حمود أبوطالب لـ"إيلاف" عن إعجابه بالتطور السريع للمنتدى، قائلًا: "خلال أربع نسخ فقط، أصبح المنتدى السعودي للإعلام أيقونة عالمية، يستقطب كبار صناع الإعلام، ويعكس قصة نجاح المملكة في هذا المجال".
جلسة بعنوان "الدبلوماسية والإعلام : جسور التواصل بين الثقافات". الجلسة بإدارة الدكتور حمود ابو طالب وبحضور سفراء الدول
أضاف: "خلال هذا العمر القصير، أصبح يتطور بشكل سريع جدًا في المواضيع التي يناقشها، والخبرات التي يستقطبها، والفعاليات التي تتم فيه. والحقيقة أن المنتدى أصبح ترويجًا ليس للإعلام السعودي فقط، بل أيضًا لكل شيء في المملكة".
أما الإعلامي وصانع المحتوى، نايف مدخلي (المعروف بـ @naifco في منصة إكس)، فقد شارك بجلسة تحت عنوان "المحتوى الساخر: تأثير قوي بأسلوب بسيط"، حيث قال: "نتحدث اليوم عن كيفية توظيف السخرية الذكية للنقد الإيجابي دون إيذاء الآخرين، وبأسلوب مرح بعيد عن الجمود".
الإعلامي وصانع المحتوى، نايف مدخلي أثناء مشاركته في جلسة تحت عنوان "المتحتوى الساخر: تأثير قوي بأسلوب بسيط" © المنتدى السعودي للإعلام
وكان مدخلي يتحدث انطلاقاً من تجربته واسعة ومتنوعة في مجال الإعلام، تمتد على مدى نحو ثلاثين سنة أمضاها بين المنتديات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي والشبكات الحديثة.
الإعلامي جبريل أبودية، الذي أدار ندوة "القيادة في مشهد إعلامي متغير"، أشار إلى أهمية الحوار حول معايير اختيار القيادات الإعلامية في ظل التحولات المتسارعة، مؤكدًا: "النقاش مع ضيوف رفيعي المستوى، بينهم وزراء ومسؤولون عرب، كشف عن الحاجة إلى تطوير أدوات القيادة الإعلامية لمواكبة العصر".
وقال لـ"إيلاف" إن "المشهد الإعلامي متطور ومتغير، وواقع الأمر أن وقت الجلسة كان ضيقًا على ضيوف كبار: اثنين من الوزراء، واثنين من المسؤولين عن الإعلام في الدول العربية الشقيقة. لكننا حاولنا بقدر الإمكان أن نضع أيادينا على بعض المنابت الثرية والمغرية في عملية إمكانية تطور العمل الإعلامي، لأننا نعيش مرحلة تتطلب معايير مهمة لاختيار القيادات الإعلامية حتى يؤثروا على القرار الإعلامي، خاصة في ظل ما تعيشه المنطقة من تحولات".
وحظي المنتدى بحضور عدد كبير من رواد الإعلام التقليدي والحديث، إلى جانب زخم من الحضور الجماهيري.
وبلغة الأرقام، جمع المنتدى 200 جهة مشاركة، و2000 إعلامي ومتحدث، في 80 جلسة متنوعة، وسط حضور جماهيري لافت، خاصة من الشباب الطموح، الذين عكست مشاركاتهم روح الابتكار المتسقة مع رؤية المملكة 2030.
مع نهاية اليوم الأول، بدا واضحًا أن المنتدى لم يكن مجرد تجمع إعلامي، بل منصة تعكس تطور المشهد الإعلامي السعودي، ليبدو الحضور الشاب الواعد في كل ركن من أركانه متألقًا، ومحققًا لرؤية المملكة التي تردد الحديث عنها على لسان ضيوف المنتدى العرب والأجانب، والتي وصفها وزير الإعلام السعودي في كلمته الافتتاحية بـ "أعظم قصة نجاح في القرن الواحد والعشرين!".