: آخر تحديث

لا تشوهوا المشروع الرياضي

16
15
12

خالد بن حمد المالك

يقود سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان مشروعاً رياضياً تُنفق عليه الدولة المليارات من الريالات، ويعزِّزه بالمتابعة وتحسين الأنظمة، وصولاً إلى طرح الأندية للتخصيص، وفق رؤية تقود إلى جعل الأندية الرياضية منافسة لأندية العالم الكبيرة، في سياق المباريات العالمية.

* *

هنا في المملكة، أصبح كل ناد من أندية (روشن) يضم عشرة لاعبين أجانب يلعبون بالدوري السعودي في المسابقات المحلية، وهم من أبرز نجوم العالم، تم استقطابهم بمبالغ كبيرة في منافسة مع أندية عالمية، وقبلوا أن تكون وجهتهم السعودية، بما جعل العالم يتابع الدوري السعودي، كما يتابع الدوريات العالمية.

* *

إنه مشروع مذهل ويتناغم مع الاهتمام بالمشاريع الأخرى من ترفيه وسياحة وغيرها، مع ما وفّر لها من خدمات ومتطلبات لممارسة لعبة كرة القدم بتفوّق ونجاح، ما جعل مستوى الفرق واللاعبين على هذا القدر من التميز والتفوق، والقدرة على المنافسة.

* *

مدربون عالميون يقودون فرق الأندية الرياضية، وأجهزة فنية عالية المستوى والخبرة تم استقطابها ليتكامل البناء، ويتحقق الهدف، ولتصل الأندية إلى مستويات عالية في التنظيم، وضبط الأمور الإدارية والمالية، بما يجعلها قادرة على الاستقرار، وتحقيق ما هو مطلوب للوصول إلى الهدف.

* *

وهاجس المواطن أن يرى ذلك يُترجم على الواقع دون أي خروقات، وأن تكون النتائج، بقدر رؤية محمد بن سلمان، والسخاء في بذل المال، والمتابعة اللصيقة من وزير الرياضة، وهذا الجمهور الكبير العاشق للعبة كرة القدم، وهم من يحضرون لمتابعة المباريات في الملاعب، أو أولئك الذين يكتفون بمشاهدتها عبر شاشات التلفزيون من بيوتهم.

* *

غير أن ما نراه أن هناك تشويشاً على المشروع، وتشويهاً له، ووضع عراقيل للحدِّ من انطلاقته، نتيجة اجتهادات خاطئة تتجاوز الأنظمة والقوانين، فتربك بذلك أي تخطيط، وتسيء إليه، بما يجعلنا وسمعة المشروع في وضع لا نُحسد عليه، ولا يُحاكيه عنا آخرون.

* *

هذا التضارب في قرارات لجان الاتحاد -لجنة الاستئناف ولجنة الانضباط-، مواعيدها، تناقضها، ومخالفتها للوائح والأنظمة، وكأن هذه اللجان تعتمد على عناصر لا تقدِّر المسؤولية، أو أنها محدودة القدرات في فهم وتفسير الأنظمة التي لديها، فتكون المسابقات الرياضية معطَّلة للانطلاق بقرارات خاطئة، وفي حالة زحف بطيء مرتبك، خلافاً لما ينبغي أن تكون عليه.

* *

هل رأيتم أسوأ من قرارين صدرا عن انسحاب الهلال من السوبر، وما ترتب على ذلك، فبدلاً أن تنحصر المشكلة بالهلال، وتعالج حسب النظام، أدخل ما صدر عن اللجنتين أربعة أندية أطرافاً في الأزمة، فكل ناد صار طرفاً فيها، كل منهم له مطالبة، يبحث عن الثغرات في القرارين -وهي كثيرة- ليحصد منها ما يفيده ويستفيد منه.

* *

لا أعرف كيف ستحل المشكلة، إذا طالب النصر بأن تكون مباراته النهائية في السوبر مع القادسية، وليس مع الأهلي، بمعنى حرمان الأهلي من فوز مستحق، وتمثيل صحيح، وكيف ستكون المعالجة لمشكلة القادسية التي حُرمت من حق طالبت به مسبقاً للعب على النهائي، بعد اعتذار الهلال، ليجد فريق القادسية نفسه يلعب مباراة أخرى قبل المباراة النهائية، وكيف سيكون الموقف من الهلال الذي قدَّم اعتذاراً مسبباً، ورُفض، وطُبّق عليه ما لا يتناسب مع النظام.

* *

هذا الموقف الذي تورَّط فيه اتحاد كرة القدم ولجانه، وحاول قبل ساعة من إقامة المباراة النهائية أن يعالجه بقرار جديد، فزاد من تعقيد المشكلة أكثر من الاتجاه نحو وضع حل لهذه الفوضى في قراراته، فلا التوقيت مناسب، ولا تعديل لائحة مسابقة السوبر تكفي لردم هذه الهوّة الكبيرة في مشروع رياضي كبير.

* *

أعيدكم إلى احتجاج الوحدة، وما استغرقه من زمن طويل للنظر فيه مع ما شاب القرار من غموض، والعروبة وما أدراك ما العروبة، والنتائج التي توصلت لجان الاتحاد إليها، وسرعة إصدار قرار ليلة العيد ضد الهلال، وغيرها كثير، والشق كما يُقال أكبر من الرقعة، وعد واغلط، أو لا تغلط، فنحن أمام مأساة رياضية حقيقية، لا ينبغي معالجتها بالصمت، أو بالمهادنة، يجب أن يكون كل شيء مفتوحاً وشفافاً وواضحاً للناس، والقرارات حازمة.

* *

يقودني ذلك إلى التساؤل: لماذا لا تعلن النتائج التي تم التوصل إليها عن عدد بطولات كل ناد من أندية المملكة؟ لماذا لا يُعلن عن الدعم المالي للأندية وحجمه في كل فريق، بدلاً من إعطاء الإعلاميين مساحة كبيرة للتخمين، وفتح نافذة كبيرة لإشاعات ونقاشات بيزنطية بينهم، بحسب انتماءاتهم للأندية.

* *

اتحاد كرة القدم ولجانه، يفترض أن يكونوا حراساً للأمانة والعدالة - وهم كذلك -، ولكنهم يقومون بأشياء، ويفوت عليهم أشياء، والمطلوب إغلاق ما يشوِّه، ويشوِّش على أدائهم، ليجعلهم مقصد الجميع للتظلُّم دون خوف من إجهاض مطالبهم دون وجه حق.

* *

أمام المملكة استحقاقات كبيرة مفرحة، تنظيمها لكأس العالم، وكأس آسيا، ولا يستقيم هذا التعامل في إدارة شؤون الرياضة على نحو ما نراه، مع الاستعداد لتنظيم هاتين المناسبتين المهمتين.

* *

هذا الكلام ما كنت لأكتبه لولا فرحي بتدخل الأمير عبدالعزيز بن تركي القوي، ومطالبته بتحقيق عاجل لما صاحب السوبر من ملابسات بوصفه رئيس اللجنة الأولمبية، وطلبه بأن يُزوّد سموه سريعاً بما يتم التوصل إليه، ولا بد أن تكون الإجراءات حازمة وقوية، حماية للمشروع الرياضي من أن يصيبه المرض، أو يُعرّضه للخطر، بفعل فاعل، -والفاعل الذي أعنيه- تواضع قدرات المسيِّرين للاتحاد ولجانه، وقلة الخبرة، وتدني المستويات العلمية، التي (ربما!) تكون هي هذا الفاعل.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد