في عام 2018، كنتُ ضمن الفريق الذي عمل مع مجموعة الاتصالات السعودية (STC) على ملف النقل التلفزيوني للدوري السعودي، وحضرت اجتماعات مكثفة مع مسؤولي "MBC" لبحث تحالف استراتيجي بين الطرفين، كان الوقت في تلك الفترة ضيقًا، والمعطيات غير مكتملة، لكننا كنا ندرك أن اتفاقًا بين "STC وMBC" لو تم برؤية واضحة، كان قادرًا على إحداث ثورة حقيقية في النقل الرياضي السعودي قبل أن يصبح الدوري اليوم متخمًا بالنجوم العالميين والاستثمارات الضخمة.
كان عقد "STC" تاريخيًا بكل المقاييس، إذ بلغت قيمته نحو "6.6" مليارات ريال لمدة خمسة أعوام، أي بمتوسط "1.32" مليار ريال سنويًا، ليكون الأضخم في تاريخ النقل الرياضي المحلي. ومع ذلك، واجهت التجربة تحديات تقنية وتسويقية، إلى جانب غياب رؤية واضحة للمستقبل، ما دفع "stc" إلى التخارج مبكرًا من العقد، لتبقى التجربة مثالًا على أن المال وحده لا يصنع النجاح.
هذه المحطة لم تكن استثناءً، فملف النقل التلفزيوني في الدوري السعودي عرف عبر تاريخه غياب الاستقرار وتبدل الناقلين باستمرار.
ففي عام 2002، قدّمت شبكة أوربت التلفزيونية تجربة نقل نوعية بكل ما تعنيه الكلمة، جودة البثّ، الاستديوهات التحليلية، والتقنيات المتقدمة صنعت نقلة حقيقية، لكنها لم تستمر طويلًا.
ثم جاءت شبكة قنوات "ART" بعقود مالية كبيرة، لكنها واجهت مشكلات فنية متكررة أفقدت الجمهور الثقة خصوصاً أنها كانت عبر اشتراك مالي لم يتعود عليه المشاهدون.!
أما تجربة "MBC" عام "2014" بعقد قيمته "4.1" مليارات ريال فلم تكتمل أيضًا، ليدخل الملف في دوامة من المحاولات غير المستقرة.
اليوم، ومع دخول ثمانية التابعة للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، يبدو المشهد مختلفًا، عقد طويل يمتد حتى 2031، بقيمة تقارب 300 مليون ريال للموسم، مع تقديمهم استراتيجية واضحة تجمع بين البث الرقمي والفضائي عبر تطبيق متطور وقنوات مجانية، وبنية تقنية عالية الجودة بدعم شركاء استراتيجيين مثل "STC وD360".
من وجهة نظري وبعد متابعتي لنقل نهائي السوبر السعودي، واستقطاب المؤثرين المميزين بالعمل مع القناة بأسلوب احترافي، أعتقد أن تكون هذه المرة التجربة ليست مجرد صفقة مالية، بل رؤية شاملة لبناء هوية مستقرة للنقل التلفزيوني السعودي، تتناسب مع مكانة الدوري عالميًا، وتواكب حجم الاستثمارات في الأندية واللاعبين.