: آخر تحديث

«مزرعة الحيوان»

2
2
2

لم يكن جورج أورويل فيلسوفاً، ولا أيضاً مجرد كاتب آخر، ويتراءى لي أنه كان صاحب مذهب فكري. وعندما يشار الآن إلى «الأورولية»، يفهم الجميع أننا نتحدث عن ظاهرة من الظواهر النادرة في حركة الفكر العالمي.

يحتفي العالم الآن بمرور 80 عاماً على صدور «مزرعة الحيوان»؛ إحدى تحفتَي أورويل بعد «1984». لم يكن أول من لجأ إلى ألسنة الحيوانات في تعرية النفس البشرية وهشاشتها وضعفها. سبقه إلى ذلك عبد الله بن المقفع، الذي اختبأ من غضب السلطان في «كليلة ودمنة» و(دبشليم)، ولكنه لم ينجُ من حكم الإزهاق. وكان الحكم شائعاً وسهلاً تلك الأيام «... فضرب عنقه». ولجأ الفرنسي دو فونتين أيضاً إلى الصيغة نفسها، ويحفظ شعره الفرنسيون إلى اليوم.

الطريف في «مزرعة» أورويل أنه كان مفتوناً بحياة الحيوان، وقد اقتنى مزرعة صغيرة في الريف البريطاني، لكي يدرس حياة «رفاقه» عن قرب أكثر. وكانت تساعده في هذه الهواية زوجته الأولى، إيلين.

الهدف الأول من الرواية كان محاربة الطغيان الستاليني، مع أنه كان متعاطفاً مع الفقراء والمضطهدين الروس. ومعظم الحيوانات في المزرعة خراف؛ أي قطيع، ومن خلال هذا القطيع، يدرس أورويل طبائع الحيوان، أو طبائع البشر.

حفر أورويل لنفسه مجداً في الأدب العالمي. وقاوم في روايتين صغيرتين مدّ الطغيان الثلاثي المرعب في الحرب: الفاشية، والنازية، والشيوعية. وفي هذا المعنى، كان أكثر تأثيراً بكثير من مجايليه في تلك المرحلة. وفي البداية ظل كاتباً مجهولاً. وأحد الذين رفضوا الاعتراف بقيمته الأدبية، وأهمية «المزرعة»، كان تي. إس. إيليوت، الذي نصح الناشرين بعدم قبولها.

مع صدور «المزرعة»، بدأت شهرة صاحبها. وأخذ وضعه المادي البائس يتحسن. لكن سوء الحظ سوف يلازمه، ويُتوفى وهو بعدُ في السادسة والأربعين. كان جورج أورويل الاسم المستعار للمدعو إريك أرثر بلير، المولود في بورما عام 1903. وقد كتب في الرواية والبحث والمقال والتعليق الإذاعي.

واعتبر العالم «المزرعة» أهم أعماله إطلاقاً. ودخلت كلمة «أورولية» مصطلحاً رسمياً في اللغة الإنجليزية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد