: آخر تحديث

الروبوتات في الرعاية الصحية عصر جديد من الدقة..

2
2
2

نجيب يماني

عنوان استعرته من عنوان مقال قرأته في مجلة النيوزويك الأمريكية لمعالي الدكتور ماجد إبراهيم الفياض عن دور رؤية المملكة وقدرتها على تحريك الساكن في مجال الذكاء الاصطناعي كتبه عن تجربة يومية ومعايشة واقعية، معاصراً منذ البدايات تطور مفهوم العلاج التخصصي ومتطلبات التحول الصحي الذي قاده بنجاح تام ومفهومية عالية؛ كونه المسؤول عن عملية التحول الصحي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، مؤكداً في مقاله أن ملامح مستقبل الرعاية الصحية تتشكل اليوم مدفوعة بالدمج غير المسبوق للربوتات والذكاء الاصطناعي، الذي أصبح واقعاً ملموساً يُعيد صياغة مفاهيم رعاية المرضى؛ نظراً لمستويات الدقة الجراحية المُتزايدة وانخفاض معدل المضاعفات.

بفضل هذه التقنيات أصبحت التدخلات المُنقذة للحياة بمساعدة الروبوت والتشخيص بمساعدة الذكاء الاصطناعي وأتمتة المستشفيات الذكية لتعزيز النتائج العلاجية وتحسين الكفاءة التشغيلية، في تقديم الرعاية الصحية.

يُعد مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث مثالاً حياً على هذا التحول، بتبوئه مكانةً رائدةً عالمياً في استخدام الروبوتات لتحسين الرعاية الصحية للمرضى.

فعمليات زراعة القلب وزراعة مضخات القلب الاصطناعية، عالية الخطورة كانت تتطلب إقامة طويلة في المستشفى، أما اليوم فقد أصبح بالإمكان إجراء عمليات زراعة القلب الروبوتية بالكامل خلال ساعتين ونصف، وتخفيض مدة إقامة المريض في العناية المُركزة من (26) يوماً إلى أربعة أيامٍ فقط، وهذا ما أرادته الرؤية وسعت إلى تحقيقه، كما حدّ من المُضاعفات وأحدث طفرة نوعية في نتائج العملية لدى المرضى.

وأسهمت الأنظمة الروبوتية في عمليات زراعة الكبد بالكامل وجراحة الأعصاب ورعاية الأطفال وعمليات زراعة البنكرياس الروبوتية واستئصال العقد اللمفاوية خلف الصفاق بطريقةٍ أكثر أمناً ونجاحاً.

شهد المستشفى التخصصي إجراء (1.127) عملية جراحية بمساعدة الروبوت خلال عام 2024، مما يؤكد كيف تحول هذا النهج من مجرد مفهوم مستقبلي إلى واقع ثوري سائد في الممارسات اليومية.

فالروبوتات ستُسطر المعايير الجديدة للرعاية الصحية ساعية لتقديم نتائجَ فائقةٍ للمرضى الذين يُواجهون مُختلف التحديات الصحية، وحلول عصرٍ جديدٍ من الطب التنبؤي والشخصي، حيث تُقدّم أدوات التشخيص المدعومة بالذكاء الاصطناعي نتائجٍ أسرع بنسبة (20٪)، مما يحد من إمكانية حدوث الأخطاء البشرية وتحقق مستوياتِ استجابةٍ غير مسبوقة.

تُحدث الروبوتات المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحولاً جذرياً في مجال إعادة التأهيل والعلاج الطبيعي، واستعادة القدرة على الحركة بسرعة وفاعلية مذهلتين.

يجري العمل لتصميم روبوتات مجهرية لاستهداف الخلايا السرطانية وتوصيل الأدوية للموقع المُستهدف بدقةٍ فائقةٍ وإصلاح الأنسجة داخل الخلية، مما ينبئ بمستقبلٍ تصبح فيه روبوتات النانو عنصراً أساسياً في بروتوكولات علاج السرطان.

ضخت المملكة استثمارات بلغت قيمتها (1.5) مليار دولار في البنية التحتية للصحة الرقمية، وأنشأت نظام سجلات صحية إلكترونية وعززت قدرات الطب عن بُعد، لتعزيز الكفاءة والارتقاء بمعايير الرعاية الصحية، حتى تتبوأ المملكة مكانةً بين الدول الرائدة عالمياً في ابتكارات الرعاية الصحية الذكية.

ستُصبح الروبوتات والذكاء الاصطناعي الدعامات الرئيسة للطب الحديث، ولكن سيظل أمر تطوير المشغل لهذه التقنيات أمراً لا غنى عنه، فلا بد من استغلال هذه التقنيات الروبوتية لتعزيز الخبرات البشرية، لا لتحل محلها، مدعومة بأطر أخلاقية متينة وإجراءات مساءلة واضحة من خلال تقديم البرامج التدريبية المنظمة وتدريبات المحاكاة وورش العمل المختلفة.

انتهجت المملكة نهجاً استباقياً عبر ضخ استثمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي والتعليم الطبي وبرامج الجراحة القائمة على المحاكاة.. ساعية إلى تأهيل الكوادر البشرية العاملة لمواجهة المستقبل من خلال تنمية قدراتها وتوسيع نطاق منح الشهادات الصحية الرقمية.

يهدف هذا النهج الذي يجمع بين الاستثمار في البنية التحتية التقنية وتطوير القدرات البشرية إلى تأهيل المملكة لتُصبح رائدة في قطاع الرعاية الصحية المعززة بالذكاء الاصطناعي مستقبلاً.

وسيكون المقياس الحقيقي للنجاح أعداد الأرواح التي ننقذها، وليس عدد العمليات المُنفَّذة.

تطرق د. عميد خالد عبدالحميد في الشرق الأوسط إلى أن السعودية تعيد ما أنتجه الفكر الإسلامي على أرض الجزيرة العربية والذي يسمى اليوم الذكاء الاصطناعي بلغة جديدة لغة رؤية ٢٠٣٠، فالذكاء الاصطناعي لم يكن مجرد هامش تقني في دفتر التحول بل كان أحد أعمدته المحورية، بدايته قوة البنية التحتية الرقمية التي شكلت الأساس لما سيأتي مثل الملف الصحي الموحد والمنصات الرقمية والربط الإلكتروني الشامل للمنشآت أدت لصناعة أرضية حقيقية تُدرّب عليها الخوارزميات، وتُختبر فيها أدوات الذكاء الصحي، وتُصمَّم فيها الحلول.

فالصحة لن تكون وجهة تُزار وقت المرض، بل ستكون نسيجاً ضمن الحياة اليومية كما أرادت الرؤية المباركة.

اليوم يعود هذا الذكاء ولكن بأدوات أكثر دقة، ولغة أكثر جرأة، وعقول جاهزة لتصنع لا لتستهلك.

صورة تدل على المستقبل الذي يصُنع في وطني في عهده الجديد حاملاً البشرى برؤية فتحت الباب، ورسمت الطريق نحو المستقبل، والبحث عن «جودة الحياة» على إيقاع الرؤية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد