: آخر تحديث

كيفية إنقاذ الأمازون

1
1
1

عبدالرحمن الحبيب

«كيفية إنقاذ الأمازون» (How to Save the Amazon) هو عنوان كتاب لم يكتمل في حينه بسبب اغتيال مؤلفه خلال جولته البحثية والاستكشافية في نهر الأمازون وهو الباحث والصحفي البريطاني دوم فيليبس، وكان إلى جانبه البرازيلي حامي الغابات وخبير السكان الأصليين برونو بيريرا؛ كان الرجلان يمضيان في مجرى النهر على متن قارب بخاري صغير عندما أُطلق عليهما النار على يد إحدى الشبكات الإجرامية التي كانا يعملان على كشف استغلالها البيئي.

التحقيق في جريمة القتل استمر عامين وانتهى في عام 2024 بتهم فيدرالية ضد العقل المدبر المزعوم للصيد غير القانوني والصيد الجائر، والذي ينفي أي تورط.

كان فيليبس يبحث في الصيد غير القانوني في المنطقة من أجل كتابه، وكانت رحلة استكشافية محفوفة بالمخاطر وشاقة بحوالي ألف كيلو متر بالقارب وسيرًا على الأقدام، عابرين جسورًا خشبية مهترئة وغابة خانقة، متجنبين الثعابين والنمور، لكن وللمفارقة كتب فيليبس أنه عندما يعود للنهر فهو يوفر له راحة ولحظات من الجمال الأخّاذ.

كادت مسودة الكتاب أن تموت مع صاحبها في الأمازون، لكن القصة صمدت، فبعد تلك الحادثة الشنيعة قامت أرملة المؤلف أليساندرا سامبايو وأرملة مرافقه بياتريس ماتوس المختصة بالأنثروبولوجيا مع مجموعة من الصحفيين والكُتّاب بإكمال تأليف مخطوطة الكتاب نصف المكتملة مع كثير من المسودات التي تشمل العديد من الرحلات في الغابات والأنهر والمقابلات، ملتزمين بمهمته في كشف حقيقة إزالة الغابات والبحث عن حلول لإنقاذ الأمازون ومكافحة الدمار البيئي عبر أبحاث وتقارير ولقاءات مع نشطاء من السكان الأصليين وعلماء البيئة والمزارعين والشخصيات السياسية، ليصدر الكتاب هذه السنة بعد ثلاث سنوات بفضل التمويل الجماعي والمنح، وأخيرًا، ناشر مُستعد، بعنوان «كيفية إنقاذ الأمازون: رحلة صحفية مهلكة للبحث عن إجابات».

الذين أصدروا الكتاب كتبوا في مقدمتهم: «لا يمكن أن يأتي أي خير من جريمة قتل شنيعة كهذه، ولكن يمكننا على الأقل منع القتلة من إسكات القصة التي كان دوم يحاول سردها». كما كتبوا «لا ينبغي أن يشك أي قارئ في أن هذه الصفحات مُلطخة بالدماء. لقد فجر القتلة جرحًا غائرًا في هذا الكتاب، جرحٌ أعمق بكثير من أن يُشفى منه أي تضامن». والنتيجة كتابٌ رائعٌ ومُحطّمٌ في آنٍ واحد، كتابٌ مُلهمٌ ومُدمّرٌ في نهاية المطاف، تمامًا كعالم الأمازون نفسه، حسب تعبير الصحفي تشارلي جيلمور.

يُقدر ما يقرب من 20% من غابات قد فقدت نتيجة تزايدت حوادث الحرائق المصطنعة للاستحواذ على الأراضي، وغزو المحميات الطبيعية خلال العقود الأخيرة، مما قد يدفع أكبر غابة في العالم إلى نقطة اللاعودة مع عواقب وخيمة على أمريكا الجنوبية والعالم وفقاً للكتاب.

تعمل طريقة الاحتيال الرئيسية، كما يصفها فيليبس، على النحو التالي: «تختار مساحة من الأمازون وتقطعها بشكل غير قانوني. ثم تشعل النار بما تبقى، وترسل الأبقار. الأبقار مهمة لأنه بموجب قانون الملكية البرازيلي، تسير الإنتاجية والملكية جنبًا إلى جنب، والأبقار - بحكم متطلبات المراعي الشاسعة - هي أبسط طريقة للمطالبة بمساحات شاسعة من الأرض.»

شهدت السنوات القليلة الماضية جهودًا للحد من إزالة الغابات، لكن يبقى السؤال: هل يمكننا إنقاذ هذا النظام البيئي العالمي الأساسي قبل فوات الأوان؟ هل يُمكن لقوانين أفضل أن تُنقذ الأمازون؟ يجيب فيليبس بأن ثمة قوانين مفيدة، مثل إلزام مزارعي الأمازون بترك 80 % من أراضيهم مُشجّرة، لكن يتم تجاهلها في كثير من الأحيان، وغالبًا ما يعمل مُنقبو الذهب وقاطعو الأشجار غير القانونيين على مرأى من الجميع، يقول: «من الصعب التفكير في أي مكان آخر خارج منطقة الحرب حيث يسهل العثور على أشخاص يُخالفون القانون بشكل صارخ»، إلا أنه مُتفائل بحذر بشأن إمكانية استخدام الزراعة الحراجية -وهي نظام زراعي يُحاكي الغابات- لاستعادة الأراضي المُجرّدة من الأشجار، لكن الفكرة لم تُطوّر بعد. في الواقع، كان فيليبس قد بدأ للتو مسيرته الشاقة عندما سقط هو وبيريرا على يد القوى المُدمّرة التي حرص على وصفها (تشارلي جيلمور، الجاردين).

كذلك يطرح فيليبس فكرة التوعية والإرشاد وأنه إذا تعرّف الناس على جمال الأمازون وإمكاناته وحكمة شعوبه الأصلية، فسيتواصلون بشكل طبيعي وفعَّال مع الأمازون وينخرطون في قضية الحماية.

ومن هنا أنشأت سامبايو أرملة فيليبس معهد دوم فيليبس، وهو منظمة غير حكومية مُكرسة لتسليط الضوء على أصوات الأمازون ومعرفة سكانها الأصليين؛ موضحة أن «هذا هو المسار الذي نريد اتباعه مع المعهد، جبهة أخرى للعمل على هذا النقص في المعرفة حول الأمازون، لأننا لا نستطيع الاهتمام إلا بما نعرفه.»

تقول أليساندرا أرملة فيليبس والدموع في عينيها: «عاطفيًا، يحمل الكتاب معاني متعددة بالنسبة لي. أولًا، لأنه أشبه بإدراك موت دوم، لأنه كان لا يزال يكتب، كان لا يزال على قيد الحياة. وقد أخبرني ببعض القصص الواردة في الكتاب، فأعود بالزمن إلى الوراء. ثم، أُدرك فيه شغف دوم بالأمازون وفضوله». وتقول بياتريس ماتوس، أرملة بيريرا: عن الكتاب «أعتقد أنه سيكون رائعًا؛ لا أطيق الانتظار لقراءته»، إلا أنها تضيف أنه قد يكون من الصعب عليها عاطفيًا قراءة الكتاب.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد