إيلاف من الرباط: تحت شعار "الشباب المغربي الحارس الأمين لتراث الغد"، كان الموعد، مساء الخميس، بالمتحف الوطني للحلي بقصبة الأوداية في الرباط، مع الدورة الرابعة من تظاهرة "ليلة المتاحف والفضاءات الثقافية".
وتميز هذا الحدث بحضور كل من أندري أزولاي، مستشار الملك محمد السادس، وعز الدين الميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ومهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، إلى جانب شخصيات أخرى.
وتنظم الدورة الرابعة من هذه التظاهرة الفنية والثقافية، من طرفالمؤسسة الوطنية للمتاحف، بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ومؤسسة حديقة ماجوريل.
تاريخ القفطان المغربي
تميزت هذه التظاهرة الثقافية، المنظمة تحت رعاية الملك محمد السادس، بافتتاح معرض "قفطان الأمس، نظرة اليوم"، الذي يشكل حوارا بين التراث والنسيج التقليدي والإبداع المعاصر، من خلال عرض مجموعة مختارة من القطع النادرة من تاريخ القفطان المغربي، إلى أن أصبح يحظى بمكانة مرموقة في عالم الموضة الراقية.
ويبرز المعرض العلاقة بين الإبداع المعاصر والإرث الغني، مسلطا الضوء على الحرف المتوارثة، والعمق الرمزي للزخارف، في تكريم لذاكرة هذا الزي التقليدي باعتباره لغة حية ومعبرة.
وفي هذا السياق، قدمت فضيلة الكادي، مصممة الأزياء المغربية، تصاميم مزجت فيها بين البراعة الحرفية والخطوط المعاصرة، لتجسد حيوية عريقة منفتحة على العالم.
حوار الذاكرة والحداثة
يقترح المعرض حواراً بين الذاكرة والحداثة، تلتقي فيه الحرف التقليدية المغربية العريقة مع الإبداع المعاصر.
وضمن اختيار يقوم على الوفاء لرؤيتها الفنية، تستلهم الكادي تصاميمها من التراث النسيجي المغربي، وخاصة تقنيات التطريز التقليدية، لتعيد تأويل الماضي عبر أشكال وقصّات حديثة.
ومن خلال سينوغرافيا معبّرة، يُدعى الزائر لاكتشاف قفاطين قديمة مزينة بنقوش مطرزة، تشهد على مهارة فنية متوارثة عبر الأجيال، يتم عرضها إلى جانب أزياء معاصرة من تصميم الكادي؛ الشيء الذي يجعل من كل قطعة معروضة ثمرة بحث حرفي معمق، متجذر في التراث المغربي، ومنفتح على المستقبل.
إرث الأجداد
تقول الكادي إن المعرض يمثل حوارا بين القفطان التقليدي ونظيره المعاصر، مشيرة إلى أنها استلهمت تصاميمها من مختلف جهات المملكة. وشددت على أهمية الحفاظ على هذا التراث الوطني وحماية الموروث الثقافي، وأوضحت أنها أسست لهذا الغرض مدرسة لفنون التطريز، تُكوّن فيها شبابا من أوساط اجتماعية هشة.
وشددت الكادي، وفق ما جاء في بيان تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منه، على أن "الإبداع يكون أقوى حين يستمد جذوره من إرث الأجداد"، مشيرة إلى أن المعرض يجسد هذه القناعة، بشكل يُظهر أن التراث ليس شيئاً جامداً، بل هو كيان حي يتطور ويتحول ويتجسد في أعمال تخاطب الحاضر وتكرّم في الآن ذاته ذاكرة الفعل الحِرفي الأصيل.
من جهته، أوضح مفوض المعرض، أمين بوسحابة، أن "قفطان الأمس، نظرة اليوم" يضم قفاطين قديمة من المجموعة الرائعة للمتحف، يعود بعضها إلى القرن الثامن عشر، إلى جانب تصاميم معاصرة لفضيلة الكادي، تتميز بغنى الأقمشة والإبداع الفني.
وأضاف بوسحابة أن الكادي تعد "سفيرة رائعة" للأزياء المغربية والصناعة الوطنية في مجال الحرف اليدوية، ولا سيما فن التطريز، مسجلا أنها تسهم بشكل فعال في إشعاع التراث الثقافي المغربي على الصعيدين الوطني والدولي.
وأشار بوسحابة إلى أن جزءا من المعرض خصص لمدرسة تلقين فنون التطريز بمدينة سلا، التي أسستها الكادي، وتقدم فيها تكوينا مجانيا لفائدة شباب من أحياء فقيرة، من أجل مواكبة التميز في التطريز الذي تتطلبه الأزياء الراقية، على الصعيدين الوطني والدولي.
ليلة المتاحف
تهدف "ليلة المتاحف والفضاءات الثقافية"، التي أصبحت حلقة أساسية في الأجندة الثقافية المغربية، إلى منح الشباب المغربي ولوجا متميزا لتراثهم الفني والثقافي.
وتقول المؤسسة الوطنية للمتاحف إن تنظيم هذا الحدث الفني والثقافي بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ووزارة التربية الوطنية التعليم الأولي والرياضة، ووزارة التعليم العالي البحث العلمي والابتكار، ومؤسسة حديقة ماجوريل، يعكس "إرادة مشتركة تهدف إلى تقوية ارتباط الشباب المغربي بإرثه الثقافي، وجعل مؤسسات المتاحف فضاءات للتوعية، للحوار وللتواصل بين الأجيال".
وتقدم المتاحف والفضاءات الثقافية، بهذه المناسبة، بمختلف أنحاء المملكة، برامج منتقاة بعناية، تشمل معارض، وورشات وعروض وزيارات منظمة، وعروضا وثائقية وفقرات تنشيطية.
وتقول المؤسسة الوطنية للمتاحف إن "ليلة المتاحف" تهدف إلى تحويل المتاحف والفضاءات الثقافية إلى فضاءات حية للإبداع والحوار، لخلق إحساس بالانتماء والمسؤولية الثقافية لدى الشباب، والانتقال عبر الأجيال، لملاقاة التاريخ والإبداع.