القطاع غير النفطي يقود النمو السعودي بثبات وقوة يشهد الاقتصاد السعودي تحولًا نوعيًا يضع القطاع غير النفطي في صدارة محركات النمو، حيث أكدت الهيئة العامة للإحصاء في تقريرها عن الأداء الاقتصادي للربع الثاني من 2025 أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 3.9 %، مدفوعًا بارتفاع قوي في الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 4.7 %، مقارنة بنمو 3.8 % فقط في قطاع النفط، وأشارت الهيئة إلى أن إسهام القطاع غير النفطي في النمو الكلي بلغ 2.7 نقطة مئوية، مقابل 0.9 نقطة مئوية فقط من القطاع النفطي، وهو ما يعكس نجاح المملكة في تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للإيرادات.
كما أوضحت وزارة المالية السعودية في بيانها الفصلي أن الإيرادات غير النفطية ارتفعت خلال الربع الثاني من 2025 بنسبة 6.6 % لتصل إلى 149.86 مليار ريال (نحو 40 مليار دولار)، لتشكل ما يقارب 49.7 % من إجمالي إيرادات الدولة، مقارنة بنسبة تقل عن 40 % قبل عام واحد فقط، وهو ما يعكس قوة إسهام القطاعات غير النفطية في الميزانية العامة.
ووفق تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في أغسطس 2025 حول مشاورات المادة الرابعة مع المملكة، نما الناتج المحلي غير النفطي بنسبة 4.5 % في عام 2024 مدعومًا بانتعاش قطاعات التجزئة، الضيافة، البناء، والخدمات المالية، في وقت انخفضت فيه إيرادات النفط بنسبة 4.4 %، مما عزز من توازن الاقتصاد الوطني. كما بيّن التقرير أن بيانات الربع الأول من 2025 أظهرت نموًا بنسبة 4.9 % في القطاع غير النفطي، ما ساعد على تحقيق نمو اقتصادي كلي بنسبة 3.4 %، وهو ما يبرهن على استدامة الأداء الإيجابي.
هذا النجاح لم يكن وليد الصدفة، بل هو ثمرة جهود وطنية متكاملة قادتها مختلف القطاعات. فقد عملت وزارة الاقتصاد والتخطيط على وضع الاستراتيجيات التي تعزز القطاعات الواعدة وتدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فيما أسهمت وزارة الاستثمار في جذب رؤوس الأموال الأجنبية عبر تهيئة بيئة أعمال تنافسية وتوقيع اتفاقيات شراكة مع مستثمرين عالميين. كما أسهم القطاع الخاص بشكل مباشر في تنويع النشاط الاقتصادي عبر الاستثمار في قطاعات جديدة مثل الطاقة المتجددة والسياحة والخدمات اللوجستية، مدعومًا بحوافز مالية وتشريعية.
وشاركت الجهات شبه الحكومية مثل الهيئة الملكية للمدن الصناعية ومناطق التقنية والهيئة السعودية للسياحة في دعم البنية التحتية، بينما أسهمت برامج مثل صندوق التنمية الوطني وصندوق التنمية الصناعية في تمويل مشروعات حيوية ساعدت على توطين الصناعات وزيادة الصادرات غير النفطية. كذلك، أسهمت المشروعات الكبرى ضمن برنامج رؤية 2030، مثل نيوم والقدية والبحر الأحمر، في خلق فرص استثمارية وتشغيلية ضخمة، ما انعكس إيجابًا على نمو القطاعات غير النفطية.
إن الأداء القوي للقطاع غير النفطي ليس مجرد انعكاس لأرقام اقتصادية، بل هو دليل على نجاح المملكة في تحقيق أحد أهم مستهدفات رؤية 2030، وهو بناء اقتصاد متنوع قادر على المنافسة عالميًا، وجاذب للاستثمار، وقادر على الصمود أمام التحديات العالمية. ومع استمرار هذا الزخم، تثبت المملكة أنها نموذج إقليمي في قيادة التحول الاقتصادي وتحقيق التوازن بين النمو والاستدامة.