: آخر تحديث

أنفاق غزة وملاجئ أوكرانيا... مقارنة صعبةً ؟

1
2
3

حمد الحمد

انتهيتُ من قراءة كتاب (فن أن تكون دائماً على صواب)، والكتاب من تأليف الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور، المتوفى عام 1860م، وقراءة كتاب فلسفي ليس بالأمر السهل وتكون قراءة عسيرة الهضم، لكن كنت أمر على السطور وأردت أن أطبّق ما جاء في مادته على مجتمعنا والأحاديث التي تدور في مجالسنا، حيث تدور الأحاديث وكل متحدث يريد إثبات أنه على صواب ويختلق كل المبررات والحجج.

لو أسقطت فكر شوبنهاور، على أحداث غزة وطوفان الأقصى وأوكرانيا كمثال، حيث جدال مستمر في المجالس، وكل متحدث يدّعي أنه على صواب، مثلاً يقول شخص لآخر: كان يفترض عدم حدوث طوفان الأقصى لأن النتائج كارثية على البشر والحجر، ويرد آخر ويقول: علينا ألا نلوم أهل غزة فهم محاصرون، وكذلك هم لم يجدوا مساعدة من الأنظمة العربية قبل بدء الطوفان، ويأتي الرد: وهل ذهب ممثل لحماس أو الجهاد إلى دولة عربية وطلب الدعم أو الاستشارة قبل الطوفان... طبعاً لا. وهكذا يدور النقاش أو الجدال والتبريرات.

ظاهرة التمسك بالرأي رغم النتائج الظاهرة للعيان هو أمر كارثي في مجتمعاتنا، والتشبث بالرأي يستمر حيث يقول شيخ دين كويتي، وقوله نشر في الانستغرام في منتدى العلماء يقول: (مكاسب الطوفان أكبر من أن تُحصى، ومَنْ يختزل النصر في عدد مَنْ مات، أو في هدم البيوت فلديه قصور في فهم سُنن الله الكونية)، الله أكبر هل هذا كلام يخرج من عاقل؟.

نحن هنا نتحدث عن استشهاد أكثر من ستين ألف بني آدم وآلاف الجرحى ومنهم 25 ألف طفل، وهذا عدد لم يحدث في أي حروب خلال قرن من الزمن.

ومغرد آخر كتب ( البطل السنوار) ورديت عليه أن مسمى (البطل) يُطلق على مَنْ حقّق إنجازاً أو نصراً، وهذا لم يحدث في طوفان الأقصى بل دماراً في دمار، واستسلام آخر الأمر، فكيف نطلق مسمى (بطل).

ما نعنيه أن الجدال يدور في مجتمعاتنا وهو أن مَنْ يتبع الخط السلفي أو الاخواني أو الليبرالي وهي ما تُسمى أحزاباً، يتمسك بتوجّهه بدون أن يخرج عن الخط، لأن هذا يفقده توازنه، حتى لو عرف أن الأمور لا تسير كما يريد.

أمر آخر... في غزة أنفاق بنيت للمقاتلين من الأحزاب والجماعات، ولكن لا أنفاق لحماية المدنيين، لهذا كل ضربة من العدو تقتل خمسين غزاوياً للأسف، بينما في أوكرانيا الملاجئ بُنيت للمدنيين، لهذا الروس يطلقون كل ليلة أكثر من 300 مسيرة على كييف مع الصواريخ، والقتلى لا يتعدى ثلاثة أشخاص وكم جريح حيث حمتهم الملاجئ، المقارنة صعبة.

لكن استمرار الكثيرين بالجدال الأبدي وكأنهم على صواب، هذه أمر لا يتطابق مع واقعنا للأسف حيث المكابرة من أجل الجدال العقيم مستمر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد