: آخر تحديث
"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

أميركا لا تعرف كيف تمنع الحروب المكلفة!

646
774
586

ينظر بول بي ستايرز إلى كل هذه الحروب المكلفة التي تورطت فيها الولايات المتحدة، فيدرك أن بلاده تعرف كيف تتورط في الحرب، ولا تعرف كيف تمنعها، فيقترح عليها استراتيجية التدخل الوقائي في كتابه الجديد. 
 
إيلاف: كي تبقى الولايات المتحدة القوة الكبرى الأولى في العالم، عليها تجنب النزاعات المكلفة التي تستنزف مواردها وتلهي قادتها عن الأولويات الداخلية الملحة. 

هذا ما يقوله بول بي. ستايرز، مدير مركز العمل الوقائي في مجلس العلاقات الخارجية، في كتابه الجديد "التدخل الوقائي" Preventive Engagement (المكون من 344 صفحة، تنشره منشورات كيندل في 4 ديسمبر 2017، 35 دولارًا أميركيًا). 
وبحسبه، يتطلب هذا الأمر اعتماد الولايات المتحدة مقاربةً وقائيةً تتطلع إلى المستقبل للتعاطي مع تحديات السياسة الخارجية.

التدخل الوقائي
يرى ستايزر أن أميركا مهددة بالانجرار إلى نزاعات عسكرية باهظة الكلفة، لمواجهة ما يظهر من أخطار على النظام الدولي. وهي تستطيع أن تتجنب تجشم هذه الأعباء باستراتيجية وقائية شاملة للتعامل مع مخاطر عالم مضطرب، وتقليل احتمالات اضطرارها إلى مواجهة خيارات صعبة بشأن استخدام القوة العسكرية. 

يعدّ التدخل الوقائي استراتيجيا أذكى للحفاظ على دور أميركا المهيمن في العالم

يقول ستايرز: "تعتنق الولايات المتحدة مبدأ متطورًا لخوض الحروب، لكن لا استراتيجية لها لمنع اندلاع هذه الحروب". لهذا، يقترح ستايرز ما يسميها "استراتيجية التدخل الوقائي" التي تتضمن ثلاث سياسات يجب صوغها بعناية: 

أولًا، طرح سياسات معروفٌ أنها تقلل خطر اندلاع النزاعات وزعزعة الاستقرار على المدى البعيد، مثل التشجيع على إبرام اتفاقيات تجارية عالمية ذات منافع جيوسياسية واسعة، برعاية منظمة التجارة العالمية.

ثانيًا، بذل جهد مدروس يُعطى الأولوية لتوقع أزمات من المرجّح أن تؤدي إلى تدخل الولايات المتحدة عسكريًا على المدى المتوسط وتجنبها بشكل استباقي، مثل دعم الوساطة الخارجية التي تبذلها محكمة التحكيم الدولية في لاهاي بشأن مساعي الصين إلى بسط هيمنتها في بحر جنوب الصين. 

ثالثًا، القدرة على الرد السريع للحدّ من النزاعات وحلها متى اندلعت على المدى القريب، قبل أن تتصاعد، ويزداد الضغط على الولايات المتحدة كي تتدخل، وما استخدام الضغوط الدبلوماسية والعقوبات المالية على روسيا لحملها على التزام بنود اتفاقية وقف إطلاق النار في أوكرانيا إلا نموذج على ذلك.

أذكى وأقل كلفة
في كل واحدة من هذه السياسات، ضرورية، بل حتمية إقامة "شراكات وقائية" مع مجموعة متنوعة من الجهات الفاعلة الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والمنظمات غير الحكومية، إضافة إلى مجتمع الأعمال. 

تستدعي الحاجة إلى التفكير والعمل، وهما دعامتا استراتيجية التدخل الوقائي، أن تكون الولايات المتحدة أكثر تفاعلًا وتبصرًا واستشرافًا للأمور. واستنادًا إلى الاستراتيجيات الناجحة في مجالات أخرى، توفر هذه الاستراتيجيا مخططًا تفصيليًا شاملًا للولايات المتحدة من أجل تقليل المخاطر المحتملة في المستقبل.

يضيف مؤلف كتاب "التدخل الوقائي": "بدلًا من انعزال الولايات المتحدة عن العالم، أو الاعتماد على تفوقها العسكري لردع أعداء محتملين ودحرهم، يعدّ التدخل الوقائي استراتيجيا أذكى للحفاظ على دور أميركا المهيمن في العالم، وأقل كلفة في جميع الأحوال".

يعرض ستايرز كيف تستطيع الولايات المتحدة أن تستخدم مثل هذه الاستراتيجية للتعاطي مع مخاطر أمنية ناشئة قبل أن تتحوّل إلى تهديدات خطيرة تتطلب ردودًا عسكرية مكلفة في بحر الصين وأوكرانيا ومناطق متوترة أخرى. 

يسوق ستايرز أمثلة عدة، بينها تصرف الولايات المتحدة حين دق ناقوس خطر مواجهة محدقة بين الهند وباكستان في عام 1990، إذ أدت دور الوسيط لنزع فتيل النزاع. وفي ذلك العام نفسه، تجاهلت الولايات المتحدة المؤشرات التحذيرية إلى أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان يستعد لغزو الكويت، ثم فوجئت الإدارة الأميركية بالغزو قبل أن تكون جاهزة للرد عليه.

يختم ستايرز: "لا يمكن الولايات المتحدة أن تكون سلبية بسذاجة أو انفعالية بنزق إزاء التحديات الدولية الناشئة، وهي لن تكون أكبر الرابحين من تكريس النظام الدولي الليبرالي فحسب، بل ستكون أكبر الخاسرين أيضًا إذا أساءت التعاطي مع هذه المهمة".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات