علي محمد الحازمي
لا يمكن أن تدخل مؤتمراً، ندوة، ورشة عمل طبية إلا وثورة الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي تسيطر على معظم محاور تلك اللقاءات. يمثل الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية تحولاً عميقاً في طريقة تقديم الرعاية الطبية وإدارتها، حيث أصبح بشكل متزايد محوراً لإمكاناته التحويلية وتداعياته الاقتصادية. يحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً جذرياً في الرعاية الصحية، مُقدماً تطوراتٍ من شأنها خفض التكاليف وتحسين نتائج المرضى.
على الرغم من أن تطبيق الذكاء الاصطناعي في بيئات الرعاية الصحية يصاحبه تكاليف أولية لاقتناء التكنولوجيا ودمجها، إلا أن غالباً ما تُوازَن هذه التكاليف بمدخرات طويلة الأجل ناتجة عن زيادة الكفاءة وتقليل الأخطاء الطبية. يتجاوز تأثير الذكاء الاصطناعي على الرعاية الصحية مجرد توفير التكاليف، فهناك تركيز على تعزيز قدرات مُقدمي الرعاية الصحية، وتحسين دقة التشخيص، وتخصيص خطط العلاج.
تؤكد الدراسات الأثر الاقتصادي الإيجابي للذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، وهو ما أشارت إليه المراجعات المنهجية والتقييمات الاقتصادية. تشير هذه الرؤى إلى الإجماع على الدور الإيجابي للذكاء الاصطناعي في خفض الإنفاق على الرعاية الصحية مع تحسين تقديم الخدمات. كما تشير التوقعات بوصول قيمة الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية إلى 3 مليارات دولار لعام 2025، ونحو 19 مليار دولار بحلول عام 2032، وهذا يؤكد الدور المتزايد للذكاء الاصطناعي.
لعل إحدى أبرز إمكانيات الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية تكمن في قدرته على إعادة صياغة العلاقة التقليدية بين مقدمي الخدمات والدافعين، والتي كانت تتسم بالتنافسية. فمن خلال توفير لغة مشتركة للبيانات والرؤى، يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز منظومة رعاية صحية أكثر تعاوناً وتركيزاً على القيمة. كما أن هناك فرصة كبيرة لخفض التكاليف، وذلك من خلال عوامل متعددة، بما في ذلك رقمنة الرعاية الصحية، والتطورات في تكنولوجيا المعلومات الصحية، والتقنيات التطبيقية الجديدة التي تدخل المختبرات السريرية. يمكن لهذه الوفورات في التكاليف أن تُمكّن قطاع الرعاية الصحية من تحويل تركيزه من المرض إلى العافية، مما يجلب معه مجموعة من الفوائد للمجتمع والقطاع والأفراد.
تكمن القوة الحقيقية للذكاء الاصطناعي في هذا السياق في قدرته على مواءمة الحوافز مع نتائج المرضى. فمن خلال توفير رؤية أشمل لتكاليف ونتائج رعاية المرضى، يمكن للذكاء الاصطناعي تسهيل الانتقال إلى نماذج الرعاية القائمة على القيمة. ويمكن لنماذج تصنيف المخاطر المتطورة تحديد المرضى المعرضين لمخاطر عالية من أجل التدخل مبكراً، بينما يمكن للتحليلات التنبؤية التنبؤ باتجاهات صحة السكان، مما يتيح إستراتيجيات رعاية وقائية واستباقية أكثر.