: آخر تحديث

توقع التحولات السياسية في المنطقة

1
1
1

محمد الرميحي

منطقة الخليج في حركة دائمة تتركز على النشاط الدبلوماسي، فنشاهد مسقط تحتضن اللقاء التاريخي بين طهران وواشنطن، ونرى وزير الدفاع السعودي في طهران، ونتابع حركة الدبلوماسية الإماراتية التي تنشط، كما نشاهد نشاطاً في محاولة الوصول إلى اتفاق في غزة، والمنطقة في انتظار زيارة الرئيس الأمريكي إلى الرياض وأبوظبي والدوحة في أول رحلة خارجية له، التي من المحتمل أن يقابل فيها عدداً من زعماء دول الخليج الآخرين. هل يمكن أن نتفاءل بمحادثات أمريكية إيرانية؟ ربما من المبكر التفاؤل الكامل، ولكن من الأوفق التفاؤل النسبي، لأنه من الواضح ليس هناك طرف من الأطراف الأساسية الفاعلة في منطقة الخليج وفي الفضاء الدولي يحبذ أن تدخل المنطقة في حروب تأكل الأخضر واليابس.

من الطبيعي ترك هامش للمناورة الإعلامية، بحيث يكون كل طرف قادراً على أن يخاطب جمهوره بأنه قد حقق ما يرغب في المفاوضات، ولكن الأهم هو النتيجة التي يمكن أن نصل إليها، وهي كالتالي: أولاً وقف البرنامج النووي الإيراني حتى لا يتجه إلى التحول إلى برنامج عسكري، وثانياً تقليص الدعم المقدم لعدد من الأطراف في بعض الدول العربية التي انشقت عن مجتمعها لمسايرة مشروع في أغلبه وهمي، وثالثاً رفع العقوبات أو بعضها عن إيران.

إلا أن المفاوضات محاطة بالتعقيد، والأهمية القصوى بالنسبة للشاطئ العربي هي أمن الخليج، والسيناريوهات الأكثر احتمالاً، كما ظهر من تحليلات كثيرة، أن يتم الاتفاق بشكل جزئي أو مؤقت، والهدف من ذلك هو كسب الوقت، ومنع التصعيد في الخليج وفي لبنان والعراق، لكن بعض التحليلات لا تستبعد الفشل أيضاً إذا أصر الطرفان على مواقف متشددة؛ إيران تطالب برفع شامل وفوري للعقوبات، وأمريكا تطالب بوقف التخصيب النووي كاملاً، وقد يؤدي ذلك إلى احتمال تصعيد عسكري، إما مباشر أو عبر وكلاء، المطلوب هو اتفاق شامل، وهو الأقل احتمالاً حتى الآن؛ عاملان قد يؤديان إلى التسريع في الاتفاق، الأول الوضع الاقتصادي في إيران، والثاني الانتخابات الأمريكية النصفية القادمة، وهي أيضاً محملة باحتمالات كثيرة.

أمام هذه الملفات نلحظ سرعة وتيرة التحركات الدبلوماسية الخليجية، التي هي في الغالب تتوجه إلى إعلاء التعاون الإيجابي، والحد من التشنجات التي أصابت المنطقة في مقتل.

على الصعيد اللبناني يبدو أن التعافي يتسارع مع الحكومة ورئاسة الجمهورية الجديدة، ويقوم اللبنانيون بفك شبكة التعقيدات التي لازمت الوطن اللبناني لعقود طويلة.

وعلى الصعيد السوري، فإن حركة النظام الجديد من الواضح أنها تسير في الطريق الصحيح، فقد عبّدت العلاقات في الجوار مع المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر، وأيضاً مع تركيا، واشتبكت في حوار مع المجتمع الدولي.

ويتطلع العرب إلى اجتماع القمة في بغداد خلال أقل من ثلاثة أسابيع (17 مايو 2025) ليخرج بنتائج إيجابية في الملفات المطروحة، فهذه القمة تحمل دلالات رمزية كبيرة، ليس فقط لأنها تعقد في بغداد، في ظل الظروف السياسية المتغيرة والتحولات الإقليمية المتسارعة، لكنها أيضاً تعقد في مفصل تاريخي مهم، هو الحرب الطويلة على غزة، والحرب المطولة في السودان، والوضع في سوريا وعودتها إلى العمل العربي المشترك، وكذلك ملف العلاقات مع كل من القوى الإقليمية إيران وتركيا.

والملف الاقتصادي أيضاً ذو أهمية كبرى، فهناك خطط قد وضعت، لكنها لم تنفذ، وخاصة خطط الإمدادات القادمة من شرق آسيا مروراً بالخليج ثم العراق إلى تركيا ثم أوروبا، ربما أهم ملف في هذا الموضوع هو احترام سيادة الدول واستقلاليتها في إطار القانون الدولي، والحديث عن وساطة نشيطة في ملفي اليمن والسودان تنهي الصراعات النازفة، إنه زمن محمل بالتفاؤل، ولكن لا يخلو من المخاطر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد