: آخر تحديث

وعاد الشر لأهله!

1
0
1

كلما ضاقت الدنيا بالنظام الإيراني ووجد نفسه في وضع سيئ تحدق به تهديدات بالزوال، فإنه يمنح الحق لنفسه بالقيام بكل ما من شأنه تخليصه من تلك التهديدات، حتى ولو كان ذلك مبنياً على الكذب والخداع. ولأن منظمة مجاهدي خلق كانت المعارضة الأقوى والأكثر فعالية من حيث التأثير الجدي عليه، فإنها وفي أواسط العقد التاسع من الألفية الماضية، وفي خضم بداية مسرحية الإصلاح والاعتدال التي قادها الرئيس الأسبق محمد خاتمي، فقد قامت الدول الغربية، بعد أن انطلت عليها تلك المسرحية، ومن أجل إعادة تأهيل هذا النظام، بإدراج منظمة مجاهدي خلق ضمن قائمة الإرهاب.

إدراج مجاهدي خلق ضمن قائمة الإرهاب وقتئذ، كان بمثابة إجراء غير سليم بل وحتى مشبوه من جانب البلدان الغربية، ولا سيما أنه قام بالربط بين عملية الصراع والمواجهة بين هذه المنظمة وبين النظام الاستبدادي وبين الإرهاب، وهو ربط ليس له أي أساس عقلاني ومنطقي. بيد أن المنظمة، وبعد سنوات طويلة من خوضها لصراع قضائي، تمكنت من إثبات براءتها من تلك التهمة في عام 2010، ودحض وتفنيد تهم النظام الواهية. والأهم من ذلك أن المنظمة أكدت أن النظام هو من يمارس النشاطات الإرهابية ويعتمد عليها بصورة أساسية في سبيل تنفيذ مخططاته وتحقيق أهدافه.

بعد أن ثبت للعالم الدور التخريبي للنظام الإيراني في زعزعة أمن واستقرار المنطقة من خلال تدخلاته المشبوهة وإثارته للحروب والأزمات فيها، وبعد أن بانت حقيقة سعيه من أجل حيازة السلاح النووي وعدم انصياعه للمطالب الدولية والاستجابة لها، وحرب الأيام الـ 12 التي اندلعت بسبب ذلك والمخاوف التي رافقتها من آثارها وتداعياتها المحتملة، وبعد كل تلك النشاطات المشبوهة لهذا النظام خارج إيران، وبشكل خاص في الدول الغربية، فإن صدور بيان مشترك غير مسبوق من قبل 14 دولة غربية ضد إرهاب النظام الإيراني، حيث شاركت في إصداره دول بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، يعتبر ليس مجرد حدث بارز فقط، بل وحتى بمثابة نقلة نوعية في كشف وفضح الماهية والوجه الحقيقي للنظام الإيراني.

البيان المذكور، الذي سارع النظام الإيراني إلى الرد عليه بشكل يغلب عليه الانفعال، يتهمه بصراحة بمحاولة "القتل والخطف والمضايقة" للمعارضين والصحفيين على الأراضي الأوروبية والأميركية الشمالية، محذراً من أن هذه الأنشطة تتم بالتعاون مع شبكات الجريمة المنظمة الدولية.

جدير بالذكر والتنويه أن صدور هذا البيان قد جاء في وقت كان يحاول فيه النظام مرة أخرى السعي لاتهام منظمة مجاهدي خلق بتهم باطلة، وحتى إنه كان قد أعد قائمة بأسماء أعضاء في المنظمة كان يطالب البلدان الغربية بهم من أجل محاكمتهم في طهران بتهم الإرهاب، لكن الرد الصاعق جاءهم بصدور هذا البيان الذي عرّى النظام حتى من ورقة التوت وأثبت العكس من ذلك تماماً، إذ عاد الشر لأهله!

ارتداد الشر إلى خاصرة طهران!
في أحدث خطوات مكتب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بواشنطن في 7 آب (أغسطس)، تم تزويد الصحفيين والمراسلين في وسائل الإعلام الدولية المرموقة بمعلومات جديدة حول سلسلة العمليات الإرهابية للنظام الإيراني في مختلف دول العالم.

وبناءً على وثائق تم الحصول عليها من داخل إيران، فإن خامنئي لا يشرف فقط على تعيين رؤساء الأجهزة الاستخباراتية والأمنية، بل يوافق شخصياً على توجيهات العمليات الإرهابية الرئيسية. ويتم تنسيق هذه العمليات عبر جهاز يسمى "مقر قاسم سليماني"، الذي كان سليماني يقود في حياته ما يسمى بـ «فيلق القدس» والقوات الوكيلة للنظام الإيراني. هذا المقر، وتحت إشراف وزارة المخابرات التي يديرها سيد يحيى حسيني بنجكي (المعروف بسيد يحيى حميدي)، ينسق أنشطة وزارة المخابرات ومنظمة استخبارات الحرس الثوري وقوة القدس. وتستخدم هذه الشبكة السفارات وعملاء خاصين تحت غطاء "دبلوماسي".

أحد الأمثلة على ذلك كان الدبلوماسي الثالث في سفارة النظام الإيراني بالنمسا، الذي خطط مع عملاء تحت إمرته لتفجير قنبلة في التجمع الكبير للمقاومة الإيرانية في فيلبنت بباريس، بحضور السيدة مريم رجوي ومئات من السياسيين والشخصيات الرفيعة من خمس قارات حول العالم. تم إحباط هذه العملية في اللحظات الأخيرة بفضل تعاون استخباراتي وأمني بين عدة دول أوروبية، وتم اعتقال أسد الله أسدي وجميع العملاء الذين كانوا تحت إمرته، ثم جرت محاكمتهم وإدانتهم في المحكمة الجنائية في أنتويرب ببلجيكا. وحُكم على أسدي بالسجن لمدة 20 عاماً، وهي أشد عقوبة بموجب القانون الجنائي البلجيكي. وكان أسدي قد تلقى تعليماته مباشرة من طهران عبر التنسيق مع قوة القدس.

مثال آخر على سلسلة العمليات التي يسيطر عليها "مقر قاسم سليماني" هو اغتيال البروفيسور أليخو فيدال كوادراس، السياسي الإسباني البارز ونائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق لمدة 15 عاماً، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2023 بمدينة مدريد. هذه الجريمة ارتكبت بأمر مباشر من "مقر قاسم سليماني" وبالتعاون مع جماعة تسمى "المافيا المغربية". وقد أُصيب البروفيسور أليخو بجروح خطيرة في فكه ووجهه، وقضى عدة أشهر في المستشفى تحت الرعاية الطبية المكثفة، وما زال يعاني من تلك الإصابات.

كما تم ارتكاب هجمات مماثلة في ألبانيا وأجزاء أخرى من أوروبا، بما في ذلك مؤامرة ضد حفل النيروز لمنظمة مجاهدي خلق في تيرانا عام 2018، باستخدام شبكات إجرامية في منطقة البلقان وتركيا.

الوثائق التي تم الكشف عنها تتضمن أسماء العديد من كبار المسؤولين في وزارة المخابرات الإيرانية بصفتهم قادة هذه الشبكة.

وقد أكدت المقاومة الإيرانية مراراً وتكراراً على إرهاب الدولة الذي يمارسه النظام، ودعت إلى اتخاذ إجراءات دولية حاسمة، بما في ذلك إغلاق جميع السفارات والبعثات الدبلوماسية والمراكز الثقافية والدينية التابعة للنظام الإيراني في أوروبا وأميركا الشمالية، ووضع وزارة المخابرات والأمن الوطني (MOIS) والحرس الثوري (IRGC) على قائمة المنظمات الإرهابية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.