: آخر تحديث

طيبُ الألسنة وظواهر الكرم

3
3
4

عبدالله خلف

الألسنة تجدها فصيحة كلما اقترب أصحابها من شبه الجزيرة العربية، وفي وسط العراق وجنوبه والخليج العربي، تجدهم يلفظون الحروف الأبجدية. لو أمسكت الخريطة العربية تجد معظم شعوبها يستعصي عليهم نطق هذه الحروف: (ث، ذ، ظ)، ويلفظونها بحرف السّين أو ما قريب منه.

الذين درَّسونا معظمهم لا يلفظون هذه الحروف التي يطلق عليها الأصوات الأسنانية...

أصحاب المحلات التجارية من المسميات التجارية عندهم، نجد (مذهلة) ينطقون الحروف سليمة وبالحروف اللاتينية هكذا MOZHILAH، وهي MOTHHILAH...

ومن اسمه ثابت يلفظونها SABET، وظاهر تلفظ زاء مفخمة وحرف الزاي وليس (الزاء).

نزلتُ لأتعرف على «الثكنة» ومن فيها... وأُبين لمن ألقاه أن الثكنات لا تكتب كما هو في الاسم بلوحة كبيرة «سكنات»... في طريقي إلى حُلوان، لم أجد أن الثكنة تكتب بالثاء. قابلت المدير وسعدتُ بالوجوه الباشة، فقلتُ ملاحظتي أن اللوحة المرفوعة على المبنى «السكنات» يجب أن تكون بحرف الثاء.

فقال المدير، سنوصل ملاحظتك للمسؤولين علينا... وإن الصواب هكذا الثكنات العسكرية... وهناك شعوب عربية تلفظ ثورة سورة، والسورات من الثورة والثورات...

كان لي صديق مصري من حلوان، قال لي أنت ستكون في مصر قبل أن أذهب ويمكنك أن تستخدم سيارتي، وأعطاني عنوان بيته في حلوان، فاستخدمتها مع كل الشكر والامتنان، وكان على يميني وأنا ذاهب إلى الثكنات العسكرية، مكتوبة هكذا «السّكنات العسكرية»... فقلت سوف أنزل يوماً لأتعرف على من في الثكنات.

وفي العام التالي، ذهبت لأشكر أصدقائي فوجدت اللّوحة قد عُدّلت ومكتوبة بحرف الثاء، الثكنات... وكما عهدنا بالأشقاء المصريين أصحاب ابتسامة وبلطف البشاشة.

فقلت لمن حضر من الأساتذة، علمونا ليس في الكويت بل في العالم العربي منذ الثلاثينات، حيث كتب الأستاذ الدكتور زكي مبارك في كتابه «ليلى المريضة في العراق» عندما عقد مؤتمر الأطباء العرب في بغداد.

ولما علم أخي فاضل خلف - رحمه الله - بالمؤتمر ذهب للقاء زكي مبارك، في بغداد وأطلعه على كتابه «ليلى المريضة في العراق». وفي العام التالي أخذ العائلة لزيارة بغداد وكنت صغيراً وتمتعنا بما شاهدناه، وركبنا القطار من البصرة إلى بغداد واستمتعنا برؤية غابات النخيل والمطاعم الراقية... ولم نعرف في بلادنا بعد المطاعم والأكلات الشهية.

وشاهدنا للمرة الأولى القطار وتعرفنا على أصدقاء وأُسر وكرم الضيافة. عندما نذهب إلى مطعم ونهمُّ بدفع ثمن الطعام، يصيح النادل «واصل المبلغ»... كل من في المطاعم يتسابقون لضيافتك، وبمجرد أن يتبين لهم أنك غريب، فالكل يحسبك ضيفاً عنده ولا تعرف من استضافك والذي دفع قيمة طعامك... هذه الظاهرة من الكرم العالي تجده في كل مكان وأنك ضيف على الجميع.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد