: آخر تحديث
عندما يردّ الضيف الجميل

سياح أجانب يعودون إلى آسفي المغربية لمساندة ساكنتها بعد الفاجعة

2
2
3

إيلاف من الرباط: لم تكن زيارتهم الأولى إلى آسفي (جنوب الدار البيضاء) مجرّد رحلة عابرة لاكتشاف مدينة بحرية هادئة، بل كانت بداية علاقة إنسانية صادقة، نسجتها العفوية وكرم الضيافة وطيبة شعب تمتد حضارته لأكثر من اثني عشر قرنًا.

يومها، جال سياح أجانب بين أزقة المدينة العتيقة، تقاسموا الخبز والابتسامة مع ساكنتها، وعادوا إلى بلدانهم محمّلين بذكريات دافئة عن مدينة «يعرف أهلها كيف يستقبلون ضيوفهم».

لكن حين اجتاحت السيول مدينة آسفي، وخلفت مشاهد صادمة من الدمار والأوحال والضحايا، لم يكتفِ بعض أولئك السياح بمتابعة الأخبار من بعيد، بل عادوا، متضامنين، ليردّوا جزءًا من الجميل لمن أكرموهم واحتضنوهم بدفء المغاربة المعهود.

وفي مشهد إنساني مؤثر، شوهد الثلاثاء عدد من السياح الأجانب إلى جانب ساكنة الأحياء المتضررة ورجال الوقاية المدنية، يشاركون في إزالة الأوحال، وتنظيف المنازل، وتقديم المساعدة المعنوية قبل المادية، في محاولة للتخفيف من وطأة الألم الذي خلّفته الفاجعة.

جئت لأردّ جزءًا من الجميل
من بين هؤلاء، سائح يحمل الجنسية الرومانية ويقيم في فرنسا، قال في شهادة مؤثرة لوسائل الإعلام المغربية: «زرت آسفي في وقت سابق، واستمتعت كثيرًا بأجوائها وبطيبة أهلها، ولم أشعر يومًا أنني غريب. الناس هنا كرماء وبسطاء، يفتحون قلوبهم قبل بيوتهم». وأضاف: «عندما سمعت بما وقع، لم أستطع البقاء بعيدًا، لذلك جئت لأساعد، ولو بالقليل».

وفي تعبير إنساني رفيع، أوضح أن ما دفعه للعودة لم يكن فقط التعاطف مع الضحايا، بل شعوره بأن المدينة منحته سابقًا ما هو أكبر من تجربة سياحية، إذ منحته الإحساس بالانتماء الإنساني.

تضامن يتجاوز الحدود
في أزقة المدينة العتيقة التي غمرها الوحل، لم يعد يُميَّز بين ساكن وزائر. الجميع يعمل بصمت، يتقاسم أدوات بسيطة وكلمات تشجيع، في مشهد أعاد إلى الواجهة معنى التضامن الإنساني في أنقى تجلياته. ووجدت ساكنة آسفي، التي عُرفت تاريخيًا بكرمها وحسن ضيافتها، نفسها هذه المرة تتلقى الوفاء من ضيوف الأمس.

وسط هذه المحنة، بدت المدينة وكأنها تستعيد قوتها من أبسط قيم التعاضد، والاعتراف بالجميل، والإيمان بأن الإنسانية لا تعترف بالمسافات ولا بالجنسيات. وآسفي، الجريحة اليوم، أثبتت أن حسن الضيافة لا يُنسى، وأن الخير، مهما طال غيابه، يعود دائمًا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار