: آخر تحديث

يا عرب..!!

2
2
2

خالد بن حمد المالك

في الفترة بدءاً من الخمسينيات وحتى نهاية الستينيات من القرن الماضي كانت الدول العربية تمر بمرحلتين مهمتين في تاريخها، مرحلة التحرر من الاستعمار، ثم مرحلة الانقلابات العسكرية، أما اليوم فهي تشهد مرحلة الخلافات والصراعات من مراحلها، مع قبولها راضية أو مكرهة بالتدخل الخارجي، طمعاً بفتات من المصالح الفردية أو الحزبية.

* *

وليس هناك أسوأ مما تمر به الكثير من الدول العربية، ففي هذه المرحلة تُهدد المصالح، ويتفشى الفساد، ويغيب الأمن، وتزداد أطماع الأعداء، مع تعريض هذه الدول إلى تقسيمها إلى كيانات مستقلة، أو داخل الدول لتكون قنابل تهدد استقلالها ووحدتها.

* *

المشهد - كما أراه - صادم وموجع، ومثير للألم، ولا بد أن كل مواطن حر لديه هذا الشعور، خوفاً من المستقبل الغامض، وألماً مما يراه الآن بعينيه، ويسمعه بأذنيه، خاصة وأن بعض أبناء جلدتنا العربية يشاركون في المؤامرة لحسابات خاطئة.

* *

لاحظوا الحرب الطاحنة بين الجيش والدعم السريع في السودان، وحجم المؤامرة التي يتعرَّض لها اليمن من الحوثيين، وما يقوم به حزب الله في لبنان، وهذا الصراع في ليبيا منذ سقوط معمر القذافي وإلى اليوم، والتحديات المفتعلة من بعض الكيانات للنظام السوري الجديد، وغير ذلك كثير.

* *

وزيدوا عليه ما يجري في قطاع غزة، والضفة الغربية من حرب إبادة، وقتل يومي بالعشرات، وتضييق على المواطنين الفلسطينيين بتجويعهم، وحرمانهم من الطعام، والاستيلاء على منازلهم ومزارعهم أو هدمها، والزج بالأحرار في سجون العدو.

* *

هل يجوز أن يغفل العالم عن هذه الأحداث، وأقلها أن يرفع يده عن التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول، وأن يوقف إسرائيل عن عدوانها واعتداءاتها، ويُلزمها بأن تُوافق على قيام الدولة الفلسطينية، بدلاً من دعم الصراعات في الدول العربية، ومشاركة إسرائيل في قتل الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

* *

حتى الدول العربية التي لا تواجه اليوم من الأخطار والتهديد ما تواجهه الدول الأخرى، فهي على قائمة المؤامرة الدولية، ومرشحة للتخريب، وإثارة الفتنة بين مواطنيها، وقد تتعرَّض لتدخلات تجعلها في حالة أسوأ.

* *

أجل، فإن مشاريع الاستعمار تعود من جديد، ولكن بإخراج مختلف، وأسلوب غير ذلك الذي مضى وانتهى، ولكن بصورة أسوأ، وخطورة أكبر، وعمل يستند على تخطيط مدروس، فالمؤامرة إذاً مستمرة ما بقيت هناك فرص تلوح لتنفيذها.

* *

وفي ظل هذه الأجواء غير السارة، يتراجع التنسيق العربي، والتفاهم بين الدول العربية، ويضعف دور الجامعة العربية، وكل هذا يُشجِّع المتآمرين على دولنا وشعوبنا، للأخذ بصبغة استعمارية جديدة، وبالتعاون مع الداخل، ما يجعل هذه الدول في خطر.

* *

ولو كان يجمع العرب كلمة واحدة، وهدف واحد، وشعور بأن الخطر سوف يمتد إليهم جميعاً، وأن لا غنى عن وحدتهم، والتنسيق فيما بينهم، لما تجرأت وتطاولت الدول الأجنبية على كثير من دولنا، وهددتها بالتقسيم والاحتلال، ما لم تذعن لأوامرها، وتنفذ ما يطلب منها، وتكون تابعة لسياساتها، فمتى يستيقظ العرب من سباتهم؟!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد