موسى بهبهاني
فقدتُ ابني الأصغر الغالي الذي لا يعوّض، مهدي، بسبب جهل أحد سائقي تلك المعدات الثقيلة وسوء إدارة مسؤولي الشركة، معدة ثقيلة من دون إضاءات تسير ببطء ليلاً في المكان الخطأ في حارة الأمان بالجانب الأيسر، وبسبب إغلاق الحارة ينحرف فجأة إلى الحارة الأخرى ليصطدم بمركبة. ولدي الطالب المبتعث القادم إلينا في إجازته الدراسية من الخارج ما أدى إلى ارتقاء روحه البريئة إلى خالقها.
وقد لاحظ المواطنون والمقيمون الانتفاضة التشريعية في قوانين ظلت مطبقة لعقود لم تواكب التطورات البشرية والاجتماعية، وكثيراً ما تمت مخالفتها والتحايل عليها، وهو أمر محمود بأن تسد هذه الثغرات وتعالج الإشكالات للحد من التجاوز والمخالفة، وأبرز هذه القوانين التي تمس حياة الإنسان بشكل يومي، بل بمجرد خروجه من منزله قانون المرور الجديد الذي صدر أخيراً الذي يحد من الحوادث الجسيمة التي تكون من نتائجها فقد الإنسان لحياته، تغليظ العقوبات على المستهترين في الطرقات مطلب نتمسك به جميعاً، فسلامة مرتادي الطريق غاية وأمانة في أعناق المسؤولين، وإن كانت العقوبة والغرامات المالية عالية فهي لا تساوي شيئاً أمام تعرض الإنسان لإصابات بليغة تتسبب بعاهة مستديمة له أو أن يفقد الحياة جراء هذا الاستهتار المتفشي في الطرقات.
المخالفات نوعان:
1/ المخالفات الجسيمة
التي تعرض حياة مرتادي الطريق بما فيه المخالف للخطر الداهم (إصابات بليغة - عاهة - فقد الأرواح) بسبب السرعة والرعونة والاستهتار - تجاوز الإشارة الحمراء- الاستعراض - التسابق - القيادة تحت المؤثرات العقلية - عكس السير-...)
2/ المخالفات العادية
التي تسبب عرقلة السير (الوقوف بأماكن ممنوعة - عدم استخدام حزام الأمان -استخدام السيارة لأغراض متعددة غير مصرح بها (نقل ركاب -نقل أمتعة نظير أجرة -...)
وأيضاً هناك مخالفون آخرون يعرّضون أرواح مرتادي الطريق للخطر، وهم:
1/ قائدو سيارات النقل العام (المعدات الثقيلة - الشاحنات -معدات النظافة)
2/ قائدو سيارات القطر (سحب القوارب- جت سكي - خلاطات أسمنت - مولدات هواء وكهرباء- عربات الخيل - نقل المكاتب «الشاليه»).
- قائدو تلك المركبات لا يلتزمون بالسرعة المقررة للطريق ولا يلتزمون بالسير في الحارة اليمنى، بل نجدهم يتنقلون من حارة إلى أخرى وبسرعات عالية.
ناهيك عن جر قطع كبيرة سواءً كانت طولاً أو عرضاً بحيث تكون الحمولة ممتدة خارج حدود المركبة ما يسبب الخطر الداهم على مرتادي الطريق.
3 - راكبو الدراجات الهوائية يجوبون الطرق العامة دون أن ترافقهم سيارة خاصة بالأمن والسلامة تحمل أنواراً وأشكالاً عاكسة تسير أمام وخلف الدراجات بعد أخذ موافقة وزارة الداخلية.
4 - راكبو الدراجات الآلية (شركات التوصيل - الدراجات الآلية الأخرى) يتنقلون من حارة إلى أخرى، وبسرعات عالية.
5 - عند السير باتجاه مدخل الانعطاف الدائري للخلف ( U-turn ) نجد هناك مركبات عدة تتجاوز خط المركبات الملتزمة بحارة الدوران والدخول مباشرة على حد المدخل ما يسبب زحمة وتأخير سير المركبات.
تساؤلات لقطاع الإعلام في وزارة الداخلية تتطلب التوضيح:
1 - عندما تصل مبالغ الغرامات لرقم مالي كبير، ويترتب على ذلك عجز المخالف عن دفع القيمة المالية، فما هو الإجراء المتبع؟ -هل يتم تقييد حرية المخالف ويودع في السجن؟
- إذا تزايد أعداد المخالفين المتعثرين عن السداد، فهل سيستوعب السجن هذه الأعداد الكبيرة؟
-هل الدولة ستتحمل تكلفة العبء المالي (الطبابة - الحراسة - الأكل والشرب -... ) -هل السجن هو الحل عندما تفقد الأسر أبناءها؟
2 - إن كانت سيارة رب الأسرة من باب واحد (سيارة رياضية سبورت - نقل خاص «وانيت»)، هل يعتبر تحميل الطفل دون العاشرة مخالفة؟!
فمن خلال تتبع التصريحات كان هناك رأيان،
الأول يقول:
مخالف، ويجب على رب الأسرة أن يغير وسيلة انتقاله ويشتري سيارة أكبر!
والآخر يقول:
غير مخالف، إنما إذا تعرض لحادث يخالف ويحاسب لسوء معاملة الطفل!
3 - السير في حارة الأمان مسموح أو ممنوع؟
4 - ما حكم استخدام الموبايل وهو ثابت على القاعدة؟
5 - إشارة التنبيه (الفلاشر) يذكر أحد مسؤولي المرور بأنه ممنوع استخدامه إلا في حالة وقوف المركبة تماماً! لماذا؟
أليست إشارة التنبيه فيها رسالة موجهة للمركبات اللاحقة بوجود أمر غير اعتيادي، ما يستدعي أخذ الحيطة والحذر لوجود خلل فني بالسيارة أو وجود ازدحام مروري أو سوء الأحوال الجوية؟
مقترحات لعل فيها الفائدة:
1 - وضع كاميرة تسجيل صوت وصورة على أفراد قوى الشرطة لتسجيل طريقة الحوار وتحرير المخالفة.
2 - المخالفات يجب أن تشمل الشركات التي تنفذ عمليات تجهيز الطرقات لمعرفة إن كان هناك خطأ بالإنجاز.
3 - المخالفات المرورية يجب أن تصدر بوقت وجيز وتتخذ إجراءات فورية مع المخالف كحجز المركبة - سحب رخصة القيادة لفترة محددة لتجنب تراكم مبالغ المخالفات ما قد يكون سبباً للتعثر في السداد.
4 - تبني العقوبات البديلة بدل الحبس، مثل (الخدمة المجتمعية)، بعد الدوام الرسمي للموظف، كأن يلتحق للعمل في ساعات محددة يومياً لمدة لا تزيد على سنة ميلادية من دون راتب في تنظيف وإصلاح ممتلكات الدولة.
وان كان المخالف طالباً يعمل في الخدمة المجتمعية بعد فترة الدراسة.
5 - التعاون مع وزارة التربية لتدريس مادة التوعية المرورية لطلبة المدارس.
6 - التعاون مع القنوات المرئية الرئيسية والمسموعة والصحف لتبني حملة إعلامية مكثفة للتوعية المرورية.
7 - الغرامة تكون تصاعدية وتغلظ لمن اعتاد أن يسلك هذا السلوك، والأفضل اتباع نظام تجميع النقاط المرورية.
8 - لا تهاون في المخالفات الجسيمة بل مصادرة وكبس المركبة مستحقة.
9 - إلغاء حارة الأمان اليسرى والاكتفاء بحارة الأمان اليمنى فقط.
10 - إلزام الشاحنات والمركبات الإنشائية والمعدات الثقيلة والقاطرات ومركبات الجر على وضع الإضاءات والعلامات العاكسة الواضحة على مركباتهم.
11 - إلزام الشاحنات والمعدات الثقيلة بأوقات معينة للسير على الطرق، كمنتصف الليل مثلاً، وتجنيبهم الخروج في أوقات الذروة ومواعيد خروج الطلبة والموظفين.
12 - المخالفة الجسيمة يكون فيها الإهمال والخطأ غير مغتفر، كتعدي الإشارة الحمراء والسير بسرعات كبيرة تفوق السرعة المقررة والاستعراض بالسيارة والقيام بالسباقات على الخطوط العامة، وان لم يتسبب مرتكبها أي حوادث، فهذا الفعل بحد ذاته مجرم دون انتظار أي عاقبة أو نتيجة عنه.
13 - التشدد في منح إجازات القيادة وعدم التساهل في تجديد رخص تسيير المركبات المتهالكة.
ختاماً،
ليس التعسف بالقانون هو المطلوب إنما التوعية والتثقيف المروري هو الغاية للقضاء على الاستهتار والرعونة.
ونحن على ثقة بأن قانون المرور الجديد اتخذ حماية للأرواح وبالفعل هي مشكلة سلوك من البعض، وندعو المولى عز وجل بأن يحفظ أرواح مرتادي الطريق من كل سوء.
نتقدم بالمواساة لكل أسرة فقدت عزيزاً بسبب الإهمال في الطريق والمستهترين، وعظم الله أجوركم ورحم الله موتاكم وأحسن الله عزاءكم...
وندعو الله أن يشفي كل من أصيب بتلك الحوادث الأليمة.
اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.