: آخر تحديث

صفقة رابحة

11
11
9

سارة النومس

«إنني أتعفن مللاً لولا ريشتي وألواني هذه»... جملة قالها الفنان فينسنت فان غوغ، الذي حاول سد فراغه واكتئابه بالفن، لم يكن الفن دواء لنفسه العليلة، فقد انتحر في نهاية المطاف تاركاً إرثاً فنياً تتزين به المتاحف الأوروبية لزوّارها.

عند البحث في علبة دواء الصداع المشهور، ستقرأ أن هذا الدواء قد يسبب الوفاة وهي من الأعراض الجانبية وبذلك تخلي الشركة المصنعة مسؤوليتها عند حدوث أي مضاعفات للمريض. شرب الماء بكثرة مضر وكثرة الأصدقاء السعداء مضرة أيضاً، لماذا يخلي الجميع مسؤوليته عندما يصاب أحدهم بالجنون؟

مهما حاول الباحثون والمتخصصون في فهم الإنسان وسيكولوجيته وشرحها المعقول المفهوم، فلن يستطيعوا إيجاد حل فعّال للأعراض التي يعاني منها المتألم، فأسرع طريق لهم هو إعطاؤهم الحبوب المهدئة والتي تساعد على النوم طويلاً.

الفن جميل، لكنه ليس علاجاً، بل إن الفنان كالإسفنجة حسّاس جداً ويتألم كثيراً. القراءة ممتعة فهي تثري العقل بالثقافة، وتنشيط العقل والتفكير أيضاً ليس علاجاً، قد يساعدك الدكتور النفساني لكنك تحتاج لساعات وجلسات عدة، بل وأحياناً تضع الحل كاملاً بيده لا بمساعدة نفسك.

أستطيع الإشارة إلى أمور مهمة في الحياة ولها التأثير الواضح على الفرد، أولاً إذا كان الشخص يعاني من تفكك أسري فعليه محاولة لم الشمل والابتعاد عن دور الضحية، الصحة النفسية للأسرة تنعكس على أفرادها في حياتهم وتعاملهم مع الناس.

النقطة الأخرى هي اختيار صديق واحد قريب أفضل من ألف صديق للـ«وناسة».

وأخيراً النقطة الأهم من كل شيء، أن يقوم الشخص بتوقيع عقد صفقة مع الله، أن يكون كل ما يفعله الإنسان لوجه الله لا تقرباً لمنصب أو انتظار شكر وتقدير من الناس، أن يتصدق بفلس، أو دينار، أو ابتسامة، أن يجعل ساعات يومه مهمة ساعات للأسرة وساعات للعمل، ساعة لممارسة الرياضة، ونصف الساعة لخمس صلوات في أوقاتها، واختيار وقت من اليوم الذي يجلس فيه الشخص وحيداً، الوحدة ليست إشارة للمرض وإنما هي في هذه الحالة جلوس مع النفس وخالقها، يتحدث إليه براحته ودون تكلّف ولا يربط بينهما أحد، يشكو له ويطلب منه المساعدة، يتحدّث بلغته وطريقته، هي صفقة رابحة ورأسمالها الوقت والمبادرة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد