: آخر تحديث

إدارة الأزمة بعد قطر!؟

14
11
11

بالرغم من تسارع الأحداث في العالم، إلا أنها المرة الأولى التي يستغرب فيها العالم من ردة فعل الولايات المتحدة على الهجوم الإسرائيلي على دولة قطر الشقيقة، بل إنَّ التبرير الذي جاء على لسان الرئيس الأميركي دونالد ترامب غير مفهوم، وفيه من عدم المبالاة الشيء الكثير، وإذ نستغرب فعلاً كهذا، فنحن نؤمن بأن الولايات المتحدة دائماً ما تسعى خلف مصالحها، وفي هذه المرة لم تكن لمصالحها أي اهتمام كما يظهر لنا من ردة فعلها تجاه ما حدث، نحن اليوم ندخل في منزلق خطير في المنطقة، وكنا نتمنى ونحن رعاة سلام أن نعيد تحسين استراتيجية هذا الملف الحيوي والمهم في المنطقة، لكن في كل مرة تظهر لنا إسرائيل بفعل يعكر صفو هذا العمل، ويعيدنا إلى نقطة الصفر، وفي هذه المرة قد تكون التفاصيل أكثر خطورة، لا يمكن في هذا الوقت تحديداً اعتماد الخطابات المتشنجة، أو التي تسعى لمزيد من التصعيد، وكل من يطالب برد قوي يجعل إسرائيل تقف عند حدها من خلال السلاح هو يقود المنطقة بطريقة أو بأخرى إلى طريق يصعب الرجوع منه، وقد تكون العواقب أكثر سوءاً مما يحدث الآن.

اجتماع القمة العربية الإسلامية الطارئة الذي عقد مؤخراً في قطر كان في قمة الإيجابية بل إن المشهد بشكل عام يعطي انطباعاً بأن الموقف العربي والخليجي تحديداً صارم تجاه إسرائيل، إذ كان حديث بعض رؤساء الدول فيه من العقلانية الشيء الكثير، وتمحور حول حماية أمن الدول وتوجيه استياء شديد تجاه ما تفعله إسرائيل، وأن توحيد الصف العربي والإسلامي في هذا الشأن سيكون له مردود إيجابي على عملية السلام، كان يجب أن يعي نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الأمور اليوم أصبحت أكثر صعوبة، وأن القادم يجب أن يخضع لدراسة حقيقية من جهته لتجنيب المنطقة أزمات كبيرة يصعب تحملها، ولن يستطيع بمفرده تقديم أحلامه للعالم، ويطلب منهم أن يتحدوا من أجل تحقيقها، ومشروع إسرائيل الكبرى الذي يتحدث عنه لن يحدث مهما كلف الأمر، وقد لمس ذلك في حديث القادة العرب في القمة العربية الإسلامية، المحافظة على كرامة الدول واحترام سيادتها أصبح بالنسبة إليهم خطاً أحمر، وإن تحلوا بالصبر في بعض الحالات لن يكون استفزازهم مستقبلاً حلاً جيداً يسعى له رئيس الوزراء الإسرائيلي، بل هو عبارة عن مرحلة جديدة من العدوان والعداوة في المنطقة، لذا كان من الضروري عقد هذه القمة، وقبلها بأيام جلسة مجلس الأمن التي عقدت للسبب ذاته، وفي الاجتماعين كانت كل النتائج جيدة وكافية لردع إسرائيل وتغيير أسلوب الولايات المتحدة في التعاطي مع الأحداث والوقوف بكل صدق ورغبة في حل الأزمة الإنسانية التي تسببت فيها إسرائيل منذ أكثر من عامين، لن يقبل العالم العربي والإسلامي بأي حلول غير حل الدولتين والاعتراف الدولي بدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، هذه المطالب لم تتغير ولن تتغير، وكل جهود الدول تصب في هذا الاتجاه، وهم يؤكدون في كل اجتماعاتهم بأن هذه المطالب أساسية لا يمكن أن يحيدوا عنها، أو يتنازلوا عن جزء منها.

إنَّ حالة التضامن القوية التي شهدها العالم مع الأشقاء في قطر هي أمر رائع، ويخدم المصلحة العامة في الشرق الأوسط، ولن تفكر إسرائيل بحماقة جديدة من هذا النوع مرة أخرى، وعلى الولايات المتحدة بقيادة ترامب أن تقف في الاتجاه الذي يدعم السلام، ويعزز من ترسيخه، وأن تتجنب المواقف الغامضة والضبابية التي لا تخدم مسيرة السلام في المنطقة!

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.