: آخر تحديث

السلام السوري اللبناني الفلسطيني مع إسرائيل

3
3
3

لا يمكن إعادة ترتيب مشهد الشرق الأوسط، تداعيات وارتدادات الصراع؛ الذي انفجر يوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) قبل ما يقارب العام ونصف، دون طرح رؤى ومقاربات سياسية متقدمة بناءً على الواقع الذي ارتسم بفعل انهيار مشروع محور إيران وأذرعه الميلشياوية، ومحاولات إسرائيل التمدد خارج حدودها بابتلاع أراضٍ عربية؛ جنوبي سوريا ولبنان وقطاع غزة ومناطق من الضفة الغربية.

إشارات سياسية عديدة طفت على السطح، تؤكد استعداد نظام أحمد الشرع من جهة، وحكومة نواف سلام بدعم قوي من الرئيس جوزيف عون من جهة أخرى، للانخراط في مباحثات سلام مع دولة إسرائيل برعاية أممية أطرافها؛ أوروبية وتركية وعربية، فضلاً عن دعم حثيث مغلف بمسعى جدي من إدارة الرئيس دونالد ترامب؛ الطامع وراء مجد تنصيب نفسه بموقع رجل السلام الأول في العالم.

سابقاً، تم السير في مسار السلام مصرياً وأردنياً، ومسار فلسطيني لم يكتمل بسبب اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين، وتتابع حكومات اليمين الإسرائيلي التي طمست التزاماتها في اتفاقية أوسلو بإجراءات أحادية الجانب على أراضي الدولة الفلسطينية المنشودة.

حصيلة هذه المسارات، في سياقها الجمعي إذ تحققت في وقتها، كانت ستأخذ منحى ملزماً لدولة الاحتلال ومؤسساتها، بحيث الرؤية والموقف الموحد للمصريين والأردنيين والفلسطينيين كطرف واحد مقابل الطرف الإسرائيلي، الذي لم تكن حكوماته اليمينية؛ والتي كانت بأغلبها برئاسة بنيامين نتنياهو، تمردت على المسار الفلسطيني السلمي، وتهربت من استحقاقاته بخلق وقائع على الأرض تفرغ حل الدولتين من مضمونه القائم على اتفاقية أوسلو التي وُقّعت في حديقة البيت الأبيض برعاية مفوضة للولايات المتحدة الأميركية، واعتمدت لاحقاً، بالإضافة إلى ملحقاتها وبروتوكولاتها، من قبل مؤسسات الأمم المتحدة.

بالأمس القريب، عقدت دولة الإمارات العربية ومملكة البحرين سلاماً مع إسرائيل بمفهوم السلام الإبراهيمي، واستطاعت الإمارات تسخيره لخدمة القضية الفلسطينية، وتخفيف أعباء الحرب على غزة من خلال قيادتها حملات ومساعدات إنسانية بفضل تأثير علاقاتها الدولية ومع الجانب الإسرائيلي.

اليوم، تتجدد فرصة سانحة لتحقيق السلام في المنطقة بفتح مسارات سورية ولبنانية، وانعكاسهما على استكمال المسار الفلسطيني المتعطل، خاصة في ظل تولد مناخ إقليمي ودولي يقوده قادة عرب ودوليون، دافع لتعزيز وتوطيد مقاربات سياسية ومساقات اقتصادية تهدف لتكوين أرضية صلبة لسلام بين شعوب المنطقة، عناوينها الأساسية؛ التعايش بأمن واستقرار وازدهار.

في ضوء نتائج زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة، والضغطين السعودي والإماراتي لتحجيم حكومة بنيامين نتنياهو، بدأت التقارير الإعلامية والصحفية تكشف حجم التصدع والتباعد في وجهات النظر بين الرجلين، والتهديدات الأميركية الجدية بخفض الدعم عن حكومة تل أبيب، التي تدرك أن اللعب مع إدارة دونالد ترامب الجمهورية ليس كاللعب مع إدارة جو بايدن الديمقراطية.

بعد انحسار المشروع الإيراني، وتحييد بعض أدواته، وسقوط عاصمتين بما كان يُعرف تحت مسمى عواصم نفوذه في الشرق الأوسط، وتجلي قيادة عربية قادرة على فرض معادلات سياسية تحقق بناء جسور الثقة والتواصل مع إدارة ترامب وأطراف دولية وازنة، لابتداع أفق سياسي مشترك ومحكوم بأدوات استراتيجية مؤثرة تستطيع أحداث اختراقات في مواقف باتت، بحكم الصراع، بالية.

السلام ذو المسارات المشتركة الجامعة؛ يستطيع تحقيق مصالح المنطقة، في ظل طموح اقتصادي عابر للحدود، تقوده المملكة العربية السعودية مع دول؛ الأردن والإمارات ومصر، ليستند على جداره السوريون واللبنانيون والفلسطينيون لإنقاذهم من مستنقع الصراع المستمر، لاسترجاع مفاهيم الدولة الوطنية، التي يحكمها نظام سياسي واحد، وقانون واحد، وسلاح شرعي واحد، ويخضع بها قراري السلام والحرب لدولة، لا للميليشيات التي عاثت فوضى الحروب وقامرت بحياة الشعوب.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.