عثمان بن حمد أباالخيل
دائرة الحزن تكبُر وتصغر حسب عدد المحزونين داخليها. دائرة الحزن قد تضيق بمن بداخليها وربما تخلو منهم. الإنسان مُعرّض للحزن العابر والمستديم، وتختلف درجة الحزن حسب المُصاب ونوعه. والحزن محنة وبلاء من الله بمنزلة المرض والهم والغم.
(اللهم إني أعوذ بك من الهم، والحزن، والعجز، والكسل والجبن، والبخل، وغلبة الدين، وقهر الرجال)؟ فالحزن والفرح وجهان لعملة واحدة هي الحياة. وللحزن تعاريف كثيرة منها: شعور بعدم الرضى عما يحدث، إما لمشاكل أو ظروف خارجة عن إرادة الإنسان، تجعله تحت ضغط نفسي لا يشعر معه بالراحة ولا بالطمأنينة.
متي يحدث الحزن للإنسان؟ ليس هناك وقت محدد فهو يحدث حين يشاء الله سبحانه وتعالي، فنحن نحزن عندما نفقد حبيبا كان وجوده يؤنس حياتنا أو أملا كان يضيء أيامنا أو صحة كانت عماد قوتنا أو ثروة كانت تيسر أمور حياتنا، أو أخا أو أماً أو أختاً انتقلت الى الرفيق الأعلى.
نحن نحزن حين نرى شبابنا يفقدون حياتهم في حوادث السيارات، نحن نحزن حين يموت زوج أو زوجة قريبة الى القلب، نحن نحزن حين نرى بعض الأولاد والبنات يعقون آباءهم وأمهاتهم. نحن نحزن حين نرى التسول في شوارعنا. أسباب الحزن كثيرة ومتنوعة لكنها تلتقي على الهم والغم.
«حين يغمرك الحزن تأمل قلبك من جديد، فسترى أنك في الحقيقة تبكي مما كان يوماً مصدر بهجتك».
جبران خليل جبران.
هذه حقيقة البكاء يخفف من الحزن لكنه لا يقضي عليه هناك من بكت سنين طويلة حزناً على وفاة ابنها، إنها والدتي رحمها الله.
برأيي الشخصي، لا تجعل الحزن يسيطر عليك فهناك طرق وسُبل للتعبير عن الحزن منها الدعاء للميت، الدعاء بشفاء المريض وعودة المسافر. والصدقة وقراءة القرآن.
أثبتت دراسة علمية أجريت في «فرنسا» أن البكاء يطيل العمر ويحمي من أمراض الضغط، وأن الدموع تقتل 95 في المئة من البكتيريا الضارة التي تهاجم العين والأنف والحنجرة.
لماذا نحزن؟ الحياة بما فيها لا تحتمل هذا الحزن، بل تحتاج الأمل والتفاؤل حتى تمر الحياة بسلام. لا تحزن حتى تستطيع أن تكمل مسيرة حياتك. لماذا تحزن، وهل نحن الذين نختار الحزن أم هو جزء من مشاعرنا وأحاسيسنا وعواطفنا. نحزن عندما نضعف أمام أهوائنا (فالنفس أمارة بالسوء)، نحن نحزن عندما نرى بعض من حولنا يلبسون الأقنعة ويمارسون حياتهم بطريقة غير إنسانية فيها الظلم والتجني على الآخرين.
دائرة الحُزِنْ تصغر للحد الذي لا يوجد غيرك بداخلها فالناس لديهم همومهم، فلا تلُم الآخرين حين ينسون أو يتناسون حزنك؟ الكثير من الناس يعيشون حزناً صامتاً يعبرون عنه بطرقهم الخاصة حين يخلون بأنفسهم.
الكثير من الناس يخفون حزنهم لكي يعيش الآخرون بسعادة ويكونون كالشمعة تضئ وتبكي في صمت وينعم الآخرون.
(إن الحزن الصامت يهمس في القلب حتى يحطمه) وليم شكسبير.
قال الباحثون من جامعة لوفان، وفقا لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية، إن الحزن يستمر داخل الإنسان أكثر بـ 240 مرة من أي شعور آخر كالخجل أو الدهشة أو الغضب أو حتى الملل. كفانا الله من الحزن والهم والغم، وسقا الله قلوبنا السعادة والاستقرار النفسي والعاطفي.