بالتمعن في أسماء من يقفون وراء هذه الجائزة، عدت بذاكرتي إلى سبعين عاماً مضت، مع بدء علاقتي بأسرة القناعات، من خلال أستاذي أيوب حسين، الذي سبق أن كتبت عنه، وزملائي في مدرسة الصباح، منهم صالح المسلم، والصديق فيصل الجاسم، وغيرهما، والتحاقي تالياً، في عام 1964، ببنك الخليج، وتعرفي عن كثب على أعضاء مجلس إدارته، وكانوا في أغلبيتهم من القناعات، ومنهم خالد اليوسف المطوع، عبدالعزيز الصالح المطوع، ومصطفى السلطان، وداود مساعد، الذين كانوا دائمي التردد على البنك، وكانوا يتعاملون معي بلطف، فقد كنت الموظف الكويتي الصغير والوحيد في بحيرة من الموظفين العرب والهنود، وزاد احتكاكي بهم، مع تقدمي في العمر وفي الوظيفة، والمشاركة في اجتماعات مجلس الإدارة، قبل أن أقرّر في عام 1980 التفرّغ لأعمالي الخاصة، التي بدأت بالاتساع، ومحاولة عدد منهم ثنيي عن الاستقالة، ولكني أصررت عليها، بالرغم مما قدموا من مغريات، والراتب الكبير الذي كنت أحصل عليه، فلم تكن الوظيفة يوماً تحقق طموحاتي، لكن عدت بعد التحرير بقليل، وأصبحت عضواً في مجلس الإدارة، وهذه المرة مع أبناء من أسسوا البنك.
كان من البديهي أن تتطور علاقتي منذ الستينيات بعدد من أبناء هذه الأسرة الجميلة، وكانت في الغالب الأعم، جميلة، ومفيدة، كأصدقاء وشركاء، وأتاحت لي رؤية الجانب «المحب للحياة» فيهم، وجعلتهم أهلاً للصداقة، التي لم تنقطع مع الكثيرين منهم منذ يومها.
* * *
علاقة أسرة القناعات بالتعليم ليست جديدة، بل تعود إلى أكثر من 114 عاماً، مع تأسيس أول مدرسة نظامية، وكان بينهم رجل الدين والقضاء يوسف بن عيسى القناعي، الذي تبرّع تالياً بماله ووقته لإدارتها، ومن وحي تلك المشاركة المؤثرة، تداعى عدد من أفراد أسرته وأبنائه وأحفاده، إلى تأسيس جائزة الشيخ يوسف للكتاب، بهدف دعم الإبداع والتطوير الثقافي، وتكريم وتشجيع المؤسسات والأفراد على إصدار مؤلَّفات ثقافية وأدبية وعلمية، تسهم في إثراء الحركة الثقافية في الكويت والوطن العربي، بما يعزز مكانة الكويت على خريطة النشر العربي، وكحاضنة للمعرفة والإبداع.
تتضمَّن الجائزة في دورتها الأولى ثلاثة أفرع: الرواية، والدراسات والبحوث التاريخية، والدراسات التعليمية.
وقالت الأمينة العامة للجائزة، الأديبة بثينة العيسى: «إنَّ جائزة الشيخ يوسف انطلقت بمبادرة من القطاع الأهلي، أسوة بما حدث عام 1911 عند تأسيس المدرسة المباركية، على أمل أن تسهم في تحفيز مزيدٍ من المبادرات الأهلية، التي تستثمر في الإرث المادي والمعنوي لرجالات الكويت ورموزها».
تم إطلاق الجائزة بمساهمة عددٍ من الشركات والمبادرين في القطاع الأهلي، وهي شركة فوزك التعليمية (فوزي مساعد الصالح، وهو أكبر المتبرعين، لها، وأحد أحفاد الشيخ يوسف)، وكيو إنترناشيونال كونستلتنتس، وشركة علي عبدالوهاب المطوع، ومبرة سلطان التعليمية، وورثة المرحوم شملان يوسف بن عيسى، وشركة كويت سليوشنس إكسبرت، ومبرة الشيخ صباح السالم، وبالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
يترأس مجلس أمناء الجائزة المهندس عبدالعزيز السلطان، وعضوية كل من الأساتذة: فيصل العلي المطوع، وياسمين فوزي الصالح، وسليمان العسكري، والشيخة مريم محمد صباح السالم، ومحمد الشيخ يوسف بن عيسى، وعبدالوهاب عارف العيسى.
أما مجلس الجائزة التنفيذي فقد تكوّن من يوسف شملان العيسى، بثينة العيسى، ومحمد العتابي، وستكون الجائزة بإدارة وإشراف مكتبة ومنشورات تكوين في الكويت.
أتوقع أن يكون لهذه الجائزة دورها الأدبي في انتشالنا من الوضع البائس، الذي أصبحنا فيه.
أحمد الصراف