إيمان عبدالله آل علي
في قاموس كثير من المواطنين، كلمة «بيت» ترتبط بكلمة «قرض» كما يرتبط الباب بالمفتاح، فمنذ اللحظة التي يبدأ فيها المواطن بتخيّل بيت العمر، يبدأ تلقائياً بحساب سنوات القرض وفوائد المصرف، وتراكم الالتزامات المالية.. لكن هل هذا هو الواقع الوحيد الممكن؟ وهل أصبح القرض هو الثمن الوحيد لتحقيق حلم الاستقرار؟في دولة الإمارات، لا يترك المواطن وحده في مواجهة عبء بناء منزله، بل هناك منظومة متكاملة من الدعم تعكس رؤية القيادة في تمكين الأسرة الإماراتية، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، حيث إن «بناء البيت» ليس مسؤولية فردية، بل مشروع وطني يسهم فيه الجميع.. الحكومة، والجهات التمويلية، والمجتمع.برامج الإسكان والمنح التي تقدمها الجهات المعنية، مثل «برنامج الشيخ زايد»، وغيره في مختلف الإمارات، ليست مجرد أرقام تصرف، بل رسائل ثقة من الدولة لمواطنيها، مفادها «نريدك أن تبني بيتك بأمان، لا على أكتاف الديون». اليوم، يمكن للإماراتي أن يحصل على قرض أو منحة سكنية تصل إلى 750 ألف درهم أو أكثر، بل في بعض الحالات تمنح منازل جاهزة، ما يخفف الضغط المالي الهائل الذي قد يستغرق سداده عقوداً. كما أن هناك مبادرات لإعفاء بعض الفئات من سداد القروض، أو تحويلها إلى منح، خاصة كبار المواطنين وذوي الدخل المحدود.لكن في ظلّ الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء، وكلف الإنشاءات والعمالة، قد لا تكفي هذه المنح وحدها لتغطية بناء منزل يناسب احتياجات الأسرة. من هنا، يصبح من الضروري التفكير في رفع قيمة القرض، شريطة أن يكون من الحكومة مباشرة، ومن دون فوائد تجارية، لضمان عدم لجوء المواطن إلى المصارف التقليدية، والوقوع في دوامة القروض، هذا التوجه يحقق معادلة التملّك الآمن والمدعوم، ويمنح المواطن مساحة كافية لبناء منزل العمر، من دون إرهاق مالي مزمن.وهناك حاجة موازية للنظر في إمكانية زيادة قيمة المنح للفئات المستحقة أو التي تحتاج إلى دعم إضافي، خاصة مع تغيّرات السوق وارتفاع كلف الحياة.في المقابل، على المواطن أن يعيد النظر في ثقافة التملّك، فليس المطلوب أن يكون منزل الأحلام فخماً أكثر من اللازم، بل أن يكون مريحاً وآمناً ومستداماً.. منزل يبنى ضمن الإمكانات، لا فوق القدرات. وإذا اقترن ذلك بالدعم الحكومي الذكي، يمكن للمواطن أن يمتلك منزله ب«أقل الديون» أو حتى من دونها، فالبيت الحقيقي ليس الذي نضع فيه الرخام والإضاءة المخفية، بل ذاك الذي نعيش فيه براحة وكرامة، بلا قيد بنكي أو جدول أقساط لا ينتهي. ويبقى السؤال مشروعاً: هل يمكن فعلاً امتلاك منزل بلا قرض؟ والإجابة قد تكون نعم، إذا اجتمع الدعم الحكومي مع الوعي الفردي، ولذلك، فإن الدعوة اليوم هي لنهج يتمثل في دعم حكومي أكبر يتماشى مع التضخّم، ووعي مجتمعي أعمق نحو التملك الذكي من دون مبالغة.