ما يفصل الناس عن الحقيقة أو غير الحقيقة هو الواقع الذي يعيشونه في مجتمعاتهم، فالدول التي تعيش في رخاء وعطاء وتطور مستمر نلمس ذلك من خلال واقعها وقيمة الإنجازات التي تعطي دائمًا انطباعًا عن حجم الازدهار والتطور التي تعيشه، وعلى النقيض الدول التي تعاني في كثير من جوانب الحياة ومجالاتها نشاهد حجم التأثر على شعوب تلك الدول سواء الذين يعيشون في الداخل أو من تركوها وغادروا إلى دول أكثر استقرارًا وأمانًا نفسيًا ووظيفيًا.
في الحياة بشكل عام الإنسان لا يختار بلده، ولا يختار مصيرها، وكثير منهم لا يملكون قرارات التغيير، ويذهبون بالعادة للقرار الأسهل شكلًا والأصعب من ناحية التنفيذ وهو الرحيل وترك وطنه وهو يشعر بغصّة قد تلازمه طوال رحلة الرحيل أو الهروب، هذا المصير إن صح التعبير نشاهده اليوم بكثرة، وفي دول كثيرة في العالم العربي، وفي بعض دول العالم، فسبل الهجرة اليوم متعددة وقرارها بيد المتضررين، ومن ليس لديهم القدرة على البقاء واستئناف الحياة في أوطانهم، في الشرق الأوسط هناك شعوب تعاني إما بأسباب الحروب أو لأسباب أخرى مثل قلّة فرص العمل أو عدم توفرها، أو أن المردود العائد من هذا العمل لا يكفي بالقدر الذي يجعل هذا المواطن يعيش الحياة المقبولة، كلها عوامل تفرض الرحيل متى ما كانت الفرصة مواتية، بينما الدول التي تعيش ازدهارًا كبيرًا، وتفكر في مستقبل أكثر استقرارًا تجد شعوبها في حالة مختلفة في كل شيء.
ما أريد قوله هنا لا يمكن أن تتوقف سبل الحياة تحت أي ظرف من الظروف مهما كان حجم المشكلات وقوة تأثيرها، ومن طبيعة الحياة دوام الحال من المحال، فالدول التي تعاني أزمات حروب وترويع ودمار تستطيع أن تترك مساحة للعقل، وتعيد التفكير وتقييم الأمر والتضحية من أجل الوطن، على سبيل المثال لا الحصر؛ الأوضاع في السودان، وفي لبنان في مجملها هي نزاعات داخلية تحتاج إلى العقل والحكمة وتغليب المصلحة الوطنية التي في الأساس هي مرتبطة بمصلحة الشعب مع حضور بعض التنازلات من الأطراف كلها، حينها فقط ستتغير الأمور، وتصبح فرص تأسيس حياة جديدة جيدة قائمة، لكن استمرار الصراعات بين الأطراف المتنازعة لن يقدّم دولة قوية يمكن لها أن تسيطر على الوضع، وتحقق الاستقرار الذي ينبثق من خلاله حالة من التطور والازدهار، وعلى النقيض من هذا المثال دول مثل السعودية وقطر والإمارات وغيرهم كثير، والتي تنظر إليهم المجتمعات على أنهم دول غنية مستقرة تعرف كيف توظّف ثرواتها، وترفع من شأن شعوبها، بل تستقطب الكوادر المهمة للمساعدة في مسيرة التطور والازدهار.
إذن حين تتوقف كل معوقات النجاح، سواء كانت داخلية أو خارجية، يستطيع المواطن أن يقوم بدوره الوطني والعملي من أجل وطنه.
هناك أمنية يرددها كثير من إخواننا العرب في بعض الدول تثلج صدر السعوديين؛ لأن المعني بها قائد عظيم بحجم الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، وفي الوقت نفسه تكشف حجم المآسي التي تحدث في دولهم من حروب وفساد وعدم قدرة على تحقيق الأمن والاستقرار، كثير منهم يتمنى أن يجد في بلده قائدًا مثل الأمير محمد بن سلمان، هذه الأمنية لم تأت من فراغ، بل من مشاهدات ومواقف كثيرة سمعوا عنها، وشاهدوها على أرض الواقع كانت وفق توجيهات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لذلك فإن الواقع يفرض وجود القائد الفذ الذي يملك مشروعًا حقيقيًا، ويقف خلفه شعب يستشعر أهمية الوطن ليقدم لأجله كل شيء، اليوم السعودية النموذج الذي تتمناه كل شعوب العالم في دولهم.


