في السادس من مايو من كل عام، تتجدد في قلوبنا ذكرى وطنية مجيدة، لحظة فارقة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم توحدت فيه قواتنا المسلحة تحت راية واحدة، لتشكل درع الوطن الحصين وسياجه المنيع. إنها الذكرى التاسعة والأربعون لهذا القرار التاريخي، الذي لم يكن مجرد دمج لوحدات عسكرية، بل كان تجسيداً عميقاً لروح الاتحاد، وتتويجاً لرؤية الآباء المؤسسين، وعلى رأسهم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه الحكام، طيب الله ثراهم، الذين أدركوا بحكمتهم وبعد نظرهم أن قوة الدولة تكمن في وحدتها وتلاحم أبنائها ومؤسساتها.
وكما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة "حفظه الله"، في كلمته بهذه المناسبة الغالية، فإن هذا اليوم يمثل "محطة بارزة في مسار الإنجازات الوطنية ولبنة أساسية من لبنات اتحادنا"، لقد استكمل قرار التوحيد، كما أشار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي -رعاه الله-، "الركن الأهم من أركان الاتحاد" الذي وضعه الآباء المؤسسون. لم يكن قراراً عادياً، بل كان خطوة استراتيجية عميقة، استشرفت المستقبل وأسست لمرحلة جديدة من بناء الدولة وترسيخ قوتها ومنعتها.
على مدى تسعة وأربعين عاماً، وقفت قواتنا المسلحة شامخة، تؤدي دورها الوطني بكل كفاءة واقتدار، لم تكن مجرد قوة عسكرية تقليدية، بل تطورت لتصبح مؤسسة حديثة، متطورة، تمتلك أحدث التقنيات والقدرات، وتضم بين صفوفها رجالاً ونساءً من خيرة أبناء وبنات الوطن، يتميزون بأعلى درجات الكفاءة والاحترافية والولاء المطلق للقيادة والوطن. لقد أثبتت قواتنا المسلحة أنها "حصن منيع وأداء رفيع وعين ساهرة على أمن الوطن، وكل من يعيش على أرضه"، كما وصفها صاحب السمو رئيس الدولة، إن حالة الأمن والأمان والاستقرار التي تنعم بها دولة الإمارات، والتي أصبحت نموذجاً يحتذى في المنطقة والعالم، لم تكن لتتحقق لولا اليقظة الدائمة والجهوزية العالية لقواتنا المسلحة الباسلة.
إن الفخر الذي يشعر به كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطيبة بمستوى وكفاءة وقدرات قواتنا المسلحة اليوم، هو نتاج عقود من العمل الدؤوب والتطوير المستمر، برعاية ودعم لا محدود من القيادة الرشيدة. لقد حرصت القيادة، منذ عهد المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وصولاً إلى عهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، على تزويد القوات المسلحة بكل ما تحتاجه من تدريب وتأهيل وتسليح، لتكون دائماً في أعلى مستويات الجاهزية للدفاع عن مكتسبات الوطن وحماية مصالحه العليا.
لكن دور قواتنا المسلحة لم يقتصر يوماً على الجانب العسكري والدفاعي فقط، لقد تجاوزت ذلك لتصبح رسول سلام وسفير عطاء لدولة الإمارات في مختلف أنحاء العالم. وكما أشار صاحب السمو رئيس الدولة، فإن "الجهود القيمة في المهمات الإنسانية المتعددة، والوقوف الدائم إلى جانب الفئات المنكوبة في الكوارث والأزمات"، جعلت سمعة قواتنا المسلحة، وطنياً ودولياً، "عنواناً بارزاً للعطاء والإخاء". لقد جسدت هذه المهمات النبيلة، التي امتدت من إغاثة المنكوبين إلى حفظ السلام والمساهمة في إعادة الإعمار، أصدق تجسيد للقيم والمبادئ الإنسانية النبيلة التي قامت عليها دولة الإمارات، والتي غرسها الآباء المؤسسون في نفوس الأجيال. إنها رسالة الإمارات إلى العالم، رسالة التسامح والتعايش ومد يد العون لكل محتاج، وقواتنا المسلحة هي حاملة هذه الرسالة الأمينة.
في قلب هذه المؤسسة العريقة، يقف رجالها ونساؤها، أبناء وبنات الإمارات الأوفياء، الذين نذروا أنفسهم لخدمة وطنهم والذود عن حياضه. إنهم، كما قال صاحب السمو رئيس الدولة، "نموذج للولاء والتضحية"، يلهمون بإخلاصهم وصدقهم وتفانيهم جميع أفراد هذا الوطن. إن الانتماء للقوات المسلحة ليس مجرد وظيفة، بل هو شرف ومسؤولية، وهو تعبير صادق عن حب الوطن والاستعداد للتضحية بالغالي والنفيس في سبيله. وفي هذا اليوم، لا يمكن إلا أن نستحضر بإجلال وتقدير تضحيات شهدائنا الأبرار، الذين رووا بدمائهم الزكية تراب الوطن، وضربوا أروع الأمثلة في البذل والعطاء. إن تضحياتهم، كما أكد صاحب السمو رئيس الدولة، هي التي "لينعم وطننا الغالي بالأمن والأمان، ولتستمر مسيرة اتحادنا راسخة شامخة، ودرساً ملهماً في حب الوطن". ستبقى ذكراهم خالدة في ذاكرة الوطن، ومنارة تضيء دروب الأجيال القادمة.
إن الاحتفال بذكرى توحيد القوات المسلحة هو مناسبة لتجديد الولاء للقيادة الرشيدة، والانتماء لهذا الوطن المعطاء. إنه يوم للتعبير عن عميق الفخر والاعتزاز بمؤسستنا العسكرية، وبكل منتسبيها، ضباطاً وضباط صف وجنوداً. وهو أيضاً يوم للنظر إلى المستقبل بثقة وأمل، تحت ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات. إن هذه القيادة التي تستلهم نهج الآباء المؤسسين، وتواصل مسيرة البناء والتطوير، هي الضمانة لمستقبل مشرق لدولة الإمارات، ولقواتها المسلحة التي ستبقى دائماً وأبداً درع الوطن وسياج الأمان.