: آخر تحديث

‏عودة المسيح إلى غزة

1
1
1

‏v مقدمة للقصيدة:
‏في ظلِّ الدُّموعِ التي تُنْزِفُها غَزَّةُ، وَالأسئلةِ الوجوديَّةِ التي تُلاحِقُ مُقدَّساتِها، كتبت هذِهِ القَصيدةُ كَصَوتٍ شِعريٍّ يُرَثِّي الوَطَنَ وَيَسْتَفْتِحُ أُفُقَ الرَّجَاءِ، استوحيت أبياتها مِنْ مقال نشرته فِي موقع إيلاف الاليكتروني (28 فَبْرَايِر 2025) بِعُنْوَانِ: «غَزَّةُ بَعْدَ تَهْجِيرِ أَهْلِهَا: مَنْ يَسْتَقْبِلُ المَسِيحَ حِينَ يَعُودُ؟»، طرحتُ فيه  سُؤَالًا مُرْهِفًا عَنْ مَصِيرِ الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ وَهَوِيَّتِهَا فِي ظِلِّ التَّهْجِيرِ وَالِانْتِهَاكِ.
‏كيفَ يَعودُ المسيحُ إلى أرضٍ تُهَجَّرُ مِنها وجوهُ الَّذينَ يَنتظرونَهُ؟ بِقلبٍ يَئِنُّ مِن أسئلةِ العدلِ الإلهيِّ وَالظُّلمِ البشريِّ، تَستحضرُ الأبياتُ رموزَ الصَّمودِ (المِفتاحُ، الزَّيتونةُ، الذِّكرى) وَتَكشفُ عَنِ العارِ الَّذي يُلَفِّعُ العالَمَ وَهُو يُشَاهِدُ غَزَّةَ تَتحوَّلُ إِلى رِيفِيرَا لِلنِّسيانِ.

‏يا غَزَّةَ الدَّمْعِ وَالصَّبَـــرْ *** وَرَمْزَ أَلَمٍ لَا يُحْتَـــسَرْ
‏أَيْنَ الَّذِينَ عَلَى ثَرَاكِ *** رَفَعُوا سُيُوفَهُمْ وَالزَّهْـــرْ؟

‏سَأَلْتُ: مَتَى يَعُودُ؟ فَقَالُـــوا *** "يَأْتِي كَنُورٍ فِي الظَّلَـــمْ"
‏فَبَكَيْتُ دَمْعِي بَيْنَ الحِجَـــارَةِ *** وَالرِّيحُ تَحْمِلُ صَرْخَتِي وَأَنِينِـــي

‏يَا رَمْزَ أَلَمٍ لَا يُوصَــــفْ *** كَالْبَحْرِ يَجْرُفُ مَا يُـــرَاقْ
‏أَنْتِ الْمِفْتَاحُ وَالذِّكْــــرَى *** وَأَنَا عَلَى بَابِ الْمَمَـــــاتْ

‏سَبْعُونَ فِي الْمِائَةِ لَاجِئُـــــونْ *** كُلٌّ يَحِنُّ إِلَى دِيَــــــارْ
‏يَحْمِلُ مِفْتَاحَ الْبُيُوتِ الَّتِــــي *** صَارَتْ رَفَاتًا فِي الْقُبُـــــورْ

‏يَا مَسِيحَ الزَّمَنِ الْبَعِيدْ *** هَلْ تَعْرِفُ الدَّرْبَ إِلَيْنَـــــا؟
‏غَزَّةُ صَارَتْ جُرْحًا نَزِيفًـــــا *** وَالشَّوْطُ بَيْنَ الْحَيِّ وَالرَّمِيـــــمْ

‏أَيْنَ الطَّرِيقُ إِلَى السَّلَامِ *** وَالشَّوَارِعُ خُطُوطُ دَمْ؟
‏وَشَجَرُ الزَّيْتُونِ الْمُقَطَّـــــعُ *** يُنَادِي: أَيْنَ حَقِّـــي؟ أَيْنَ كَرَامَتِـــي؟

‏إِنْ جِئْتَ يَا مَسِيحُ فَابْحَثْ *** بَيْنَ الرُّفَاتِ وَالْحُطَـــــامْ
‏عَنَّا نُقَبِّلُ كُلَّ حَجَــــــرٍ *** وَنَرْوِي بِالدَّمِ الْأَرَاضِيـــنْ

‏وَالسَّمَاءُ تَسْأَلُ وَالْبِحَـــــارْ *** "هَلْ سَيَبْقَى لِلْمَسِيحِ مَكَــــانْ؟"
‏أَمْ سَيَطْمِسُ الْغُزَاةُ كُلَّ أَثَــــــرٍ *** وَيَجْعَلُونَ الْأَرْضَ رِيفِيرَا لِلزَّمَـــــانْ؟

‏v خاتمة القصيدة:
‏وَفي الخِتامِ، تَبقى القصيدةُ صَرخةً فِي وَجْهِ الزَّمَنِ الجَائرِ: إِنَّها لَيسَتْ بُكاءً عَلَى أَطلالٍ، بَلْ إِضرامَةُ أَسئِلَةٍ تُحَرِّكُ الضَّمِيرَ الدِّينِيَّ وَالإِنْسَانِيَّ. فَإِنَّ غَزَّةَ لَيسَتْ مُجرَّدَ جُغرافْيَا، بَلْ أُفُقٌ لِلقِيَامَةِ الَّتِي يَنتَظِرُهَا المُؤمِنُونَ.
‏ويبقى التساؤل: «إِنْ كَانَ المَسِيحُ سَيَعُودُ لِيُقِيمَ العَدْلَ، فَهَلْ سَيَجِدُ أَحَدًا يُرَحِّبُ بِهِ فِي غَزَّةَ  بَينَ الرِّمَادِ؟ أَمْ أَنَّ البَشَرِيَّةَ قَدْ صَيَّرَتِ الأَرْضَ الَّتِي سَارَ عَلَيهَا قَبلَ أَلْفَيْنِ مِنَ السِّنِينَ إِلَى مَوضِعٍ لِلْعُبُودِيَّةِ؟».
‏وأقول: سَيَجِدُهَا — وَإِنْ تَأَخَّرَ الزَّمَانُ — أَرْضًا تَحْفَظُ أَسْمَاءَ أَهْلِهَا بَيْنَ الحِجَارَةِ، وَتُنَادِيهِمْ مِنْ بَعِيدٍ: «عُودُوا، فَالسَّمَاءُ لَمْ تَنْسَ قِصَّتَكُمْ».
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.