عبدالعزيز الكندري
في عالم يتغيّر، لم يعُد الذكاء الاصطناعي مجرد خيال علمي نسمع عنه في الكتب، بل أصبح واقعاً حقيقياً ومؤثراً على حياتنا، وفي أعمالنا وجميع شؤوننا. والذكاء الاصطناعي قادم ليجعل العالم يسير بصورة أسرع من المتوقع، وفي الوقت نفسه سيكون أذكى، وأكثر كفاءة في إنجاز الأعمال، وسيساعد الأطباء على إنقاذ أرواح بشرية، ويمنح الطلاب تعليماً يناسب قدراتهم، وستتغير المدارس بشكلها الحالي تدريجياً، وسيفتح آفاقاً جديدة في الاقتصاد والإبداع والمجالات كافة.
وستدخل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال التعليمي، حيث سيوفر الذكاء الاصطناعي تجارب تعليمية مخصصة تُلبي احتياجات كل طالب وعلى حسب الفروقات الفردية بينهم، حيث من خلال تحليل أنماط التعلم وأداء الطلاب، يمكن للأنظمة الذكية توفير مواد تعليمية مخصصة لكل طالب على حدة، وتقديم توصيات إضافية كذلك للمعلمين حول كيفية تحسين أساليب التدريس بما يعود بالنفع على الطلاب ويرفع من مستواهم التحصيلي.
وستخدم تقنيات مثل الواقع المعزّز والافتراضي الذي بدأ يدخل السوق حالياً وهناك العديد من التجارب التي بدأت تظهر للعلن، وتهدف لتحسين تجربة التعلم وجعلها أكثر تفاعلية.
أما عن الأعمال والوظائف فسنشاهد دخول الذكاء الاصطناعي بقوة وبسرعة، مما سيساعد على تقليل أو تلاشي الأعمال الروتينية مثل إدخال البيانات، والسكرتارية، وبعض الأعمال الإدارية، وفي المقابل ستظهر وظائف جديدة مثل، مبرمجي AI، محللي البيانات، ومشرفي أنظمة ذكية، وكذلك بيئات العمل ستعتمد على المساعدات الذكية للتخطيط، الكتابة، واتخاذ القرار، والتي أصبحنا نراه اليوم فعلاً.
لذلك من المتوقع أن تنمو وظائف أخرى متعلقة بالذكاء الاصطناعي بصورة أكبر من الموجود حالياً، مثل البرمجة، وعلماء البيانات، مطوري الأنظمة الذكية، وأمن المعلومات والتي تختص في حماية البيانات والشبكات، وتحليل البيانات حيث تحويل الأرقام الضخمة إلى قرارات، إضافة إلى المجالات الإبداعية مثل تصميم، تسويق رقمي، إنتاج محتوى.
وشكل الوظائف سيتغير، وسيزيد العمل عن بُعد حيث سيكون أساس كثير من الأعمال بدل طريقة العمل الحالية التي تعتمد على البصمة ومواعيد الحضور والانصراف، وفرق العمل في المؤسسات والشركات ستعتمد على المهارات لا الموقع، والتركيز على النتائج لا عدد ساعات العمل، والمهارات المطلوبة هي التفكير النقدي، والإبداع، وكيفية العمل مع الأنظمة الذكية، والتعلم المستمر والمرونة، وأمثلة على وظائف مستقبلية، مدرب روبوتات، وهندسة البيانات، وستعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والتحوّل الرقمي والاستدامة.
من المهم تعليم الأطفال على تقنيات الذكاء الاصطناعي من الآن، حيث إنه سيصبح جزءاً لايتجزأ من المستقبل، لأن كل ما يحيط بنا في قادم الأيام سيعمل بالذكاء الاصطناعي، من التطبيقات الذكية إلى الروبوتات المتقدمة والتي تستطيع إجراء عمليات عبر القارات.
الذكاء الاصطناعي يحيط بنا من كل جانب، لذا، أصبح من الضروري تعليم الأطفال هذا العلم المتقدم لتمكينهم من مواكبة التطورات التكنولوجية وإعطائهم المفاتيح للاستفادة منها.
لماذا يجب تعليم الأطفال الذكاء الاصطناعي؟
لأنه يساعد الأطفال على تطوير مهارات التفكير النقدي والتحليلي، حيث يتعلمون كيفية التعامل مع البيانات وتحليلها لاتخاذ قرارات مدروسة، وتعزيز الابتكار والإبداع، حيث يمكن للأطفال تطوير أفكار مبتكرة وحلول جديدة للمشكلات التي تواجههم في حياتهم اليومية من خلال الأدوات التي يمتلكونها ويتعاملون معها.
وسيساعد الأطفال على فهم كيفية عمل التكنولوجيا التي يستخدمونها يومياً، مما يمكنهم من استخدامها بشكل أكثر فعالية. إضافة إلى توفير فرص وظيفية مستقبلية مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في مختلف القطاعات، سيكون للأطفال الذين يتقنون الذكاء الاصطناعي فرص وظيفية أوسع في المستقبل.
نحن أمام تحوّلات كبيرة مقبلة وبقوة والخلاصة هي أن التكنولوجيا لم تعد مجرد أدوات أو منصات مساعدة نستأنس بها في أوقات الفراغ، بل ستصبح بيئةً كلية نعيش فيها وفي مختلف المجالات في الحياة في التعليم والصحة والوظائف ومختلف نواحي الحياة.

