: آخر تحديث

يتيمة العصر

1
1
1

تحتفل صحافة مصر بمرور مائة عام على تأسيس «روز اليوسف»، المجلة الأسبوعية التي ساهمت في إطلاق، أو دعم كبار كتاب «المحروسة» من محمد التابعي، إلى عباس محمود العقاد، إلى أحمد بهاء الدين.

تذكر أن السيدة التي لمعت في مدارها كل تلك الأسماء، حققت كل ذلك قبل مائة عام، يوم كانت المرأة العربية لا تزال ممنوعة من دخول المدرسة. وتذكر أنها كانت «غريبة» من لبنان. وكانت ممثلة مسرحية. وخاضت معارك السياسة في مصر وكأنها واحدة من زعمائها وقادة الرأي فيها.

في المسرح، تقدمت فاطمة اليوسف، التي سوف تعرف باسم «روز اليوسف، ثم «روزا» للتحبب، جميع الممثلات، وتوصف بأنها «سارة برنار» مصر. وسارة برنار كانت اسماً أسطورياً في المسرح الفرنسي. وعندما انتقلت من المسرح إلى الصحافة، لم تكن لها شبيهة في أي مكان. وما لبثت أن أضافت إلى المجلة الأسبوعية جريدة يومية بالاسم نفسه، ثم أصدرت مجلة «صباح الخير»، أول وآخر مجلة من نوعها.

كل المقالات التي تكتب في المئوية تكتب بعاطفة وتقدير ومحبة.

لن يغيب عن بال أحد أن المرأة التي دخلت تراث مصر وصلت إلى الإسكندرية فتاة عزباء في الرابعة عشرة. تخلت عنها العائلة اللبنانية التي تبنتها، وتركتها لقدرها، فقررت أن الحياة تحدٍّ وكدّ. وإذا بالتحدي يضعها في المرتبة الأمامية، أياً كان العمل.

قصة مذهلة، حكاية «روزا». الجزء الأوّل منها حزين. يُتمٌ وشقاء وتيهٌ في المجهول، ثم نجاح باهرٌ حتى اللحظة الأخيرة. صحيح أن لبنانيين كثراً نجحوا في صحافة مصر:

جرجي زيدان في «الهلال»، والشقيقان تقلا في «الأهرام»، وآل صرّوف في «المقطم»، لكنهم كانوا جميعاً من حملة المؤهلات، أو من ذوي الأنساب. هي كانت ماسة غير مصقولة. يشير الأستاذ حمدي رزق إلى مهمة أخرى من مهام «فاطمة هانم، طيّب الله ثراها». المهمة التنويرية. شجاعة السيدة في عالم الرجال المغلق. يكتب رزق عن فاطمة هانم، بعدّه واحداً من تلامذتها، وبعدّها مدرسة تجدد نفسها مع العقود. تلك كنت المدرسة الوحيدة التي صاحبتها امرأة، في مصر وخارج مصر. وكان ذلك قبل مائة عام ويوم كان ظهور مقال بتوقيع امرأة يعدّ حدثاً في تاريخ المسيرة النسائية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد