حمد الحمد
يقال إنّ التطور الذي حدث بعد الحرب العالمية الثانية، يعادل ثلاثة آلاف سنة من قبلها، بمعنى أن المتغيرات في زمننا هذا تحدث بالدقائق وليس بالسنوات.
أذكر عندما بدأت أكتب مقالات للصحف كنت أرسلها بالبريد، مكتوبة، وبعد ذلك أرسل المقال بالفاكس، وبعد ذلك دخلنا عالم البريد الإلكتروني، وأصبحت أرسل مقالي بالإيميل، وهذه الأيام هجرت البريد الإلكتروني وأصبحت أكتب مقالي في المذكرات في الآيفون، وأرسلها في اللحظة نفسها، للصحيفة.
هنا تذكّرت المثل الشعبي (إذا ما طاعك الزمان طيعه)، لهذا لو لم أطع الزمان لتوقفتُ عن الكتابة، لكن السالفة التالية جعلتني أطيع الزمان وأنا مُكره.
السالفة أنني كنت أرفض أن يصل أي طلب للبيت عبر درّاجات أو سيارات التوصيل، سواء طعام أو غيره، وكنت أستهجن البيوت التي أمامها يومياً دراجات أو سيارات التوصيل، وكنت لأي احتياج، أذهب واخذه بنفسي وأعود للمنزل، وأجد في ذلك متعة ما بعدها متعة.
حتى أتى ذلك اليوم الذي طعت الزمان وأصبحت أطلب، حيث ديوانيتي في منطقة أخرى، وكنت العام الماضي وقبله أطلب عبر التلفون وجبة العشاء للضيوف وتصل، لكن الأسبوع الماضي علمت أن الطلب بالتلفون انتهى وأصبح من الماضي، وعليّ أن أحمّل أحد تطبيقات التوصيل وأطلب وأدفع عبرها، وفعلاً حمّلتُ التطبيق مجبراً والأمر سهل وما هي إلا دقائق إلا يصل الطلب.
لكن هناك مبالغة خاصة من الشباب بكثرة الطلب عبر التطبيقات، حتى يقال إذا وصل الشاب لمكتبه طلب قهوة أو حتى إفطار الصباح، لكن الأمر يبدو نوعاً من البرستيج أو الكشخة!
قبل أسبوع في «الانستغرام» اطلعت على حكاية عجيبة وطريفة لعامل توصيل عراقي في بغداد، يقول وصلني طلب وجبة، وأسرعت وأخذت الطلب، وهنا لابد أن أوصله لصاحب الطلب، واكتشفت أن صاحب الطلب يسكن في المبنى نفسه الذي به المطعم... صعدت وأوصلت الطلب، لكن لم أستوعب ما حدث!
وسلامتكم، وأطيعوا الزمان أو ضيعوا!

