خالد بن حمد المالك
حرص الرئيس اللبناني جوزيف عون أن تكون وجهته إلى المملكة في أول زيارة له خارج لبنان بعد انتخابه رئيساً، ومثله فعل من قبل الرئيس السوري أحمد الشرع، وهذا من باب التقدير للمملكة ومواقفها الداعمة والمساندة للدولتين الشقيقتين.
* *
كان الرئيس اللبناني في بداية توليه مسؤولياته في رئاسة لبنان، قد صرَّح من قصر بعبدا بأن المملكة ستكون أول دولة يزورها، تثميناً لمواقفها الإيجابية نحو لبنان، ودورها الفاعل في تخليص بلاده من أزماتها المتكررة، بدءاً من اتفاق الطائف وإلى اليوم.
* *
وبالتأكيد فإن زيارة الرئيس اللبناني للمملكة، واختيارها لتكون وجهته الخارجية الأولى بعد توليه قيادة لبنان، إنما تعكس تقدير القيادة اللبنانية لمكانة المملكة وثقلها ودورها المحوري على المستويين الإقليمي والدولي، والحرص على التشاور مع قيادة المملكة حول مستجدات الأحداث، والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
* *
وتكمن أهمية زيارة الرئيس اللبناني للمملكة أيضاً، في أنها تأتي متزامنة مع ما تشهده المنطقة بشكل عام ولبنان بشكل خاص من تطورات سياسية وأمنية، مما يستوجب التشاور، وتنسيق الجهود والمواقف بين البلدين الشقيقين، بما يعزِّز أمن واستقرار المنطقة، ويحقق آمال وتطلعات الشعب اللبناني الشقيق في الاستقرار والرخاء والازدهار.
* *
وتعتبر الزيارة وفقاً للقراءة الموضوعية لها انطلاقة جديدة للعلاقات بين البلدين بدعم المملكة للبنان في تمكين الدولة اللبنانية من بسط سيادتها، وممارسة صلاحياتها الكاملة في لبنان، وهو ما يتماشى مع رغبة الرئيس اللبناني، ويتطابق مع رؤية المملكة للمنطقة، والتي تقوم على دعم استقرار دولها، كمتطلب لانطلاق التعاون الاقتصادي والاستثماري والعمل المشترك.
* *
ومع تأكيد المملكة على وقوفها مع لبنان وشعبه الشقيق، فإنها متفائلة بقدرة رئيس الجمهورية اللبنانية على الشروع في الإصلاحات اللازمة لتعزيز أمن واستقرار لبنان، وهذا ما عبَّرت عنه في كل المحافل، وفي كل المناسبات، وهو ما ينسجم مع بيان القَسَم للرئيس اللبناني، وبيان الحكومة أمام مجلس النواب.
* *
وهناك تفاؤل من المملكة نحو مستقبل لبنان، في ظل النهج الإصلاحي الذي يتبناه الرئيس جوزيف عون، ومع تطبيق الإصلاحات اللازمة سوف يعزِّز ثقة شركاء لبنان، ويفسح المجال لاستعادة مكانته الطبيعية في محيطه العربي والدولي، خاصة مع تكاتف القيادات اللبنانية للعمل بجدية لتعزيز أمن لبنان وسيادته، والحفاظ على مؤسسات الدولة.
* *
ولا نحتاج إلى التذكير بالحرب الأهلية في لبنان، ودور المملكة في إطفائها، وما أسهمت به من جهد في إنهاء تلك الحرب التي امتدت 15 عاماً، من خلال استضافتها ورعايتها لاجتماعات مجلس النواب اللبناني في العام 1989م في مدينة الطائف التي شهدت توقيع (اتفاق الطائف) التاريخي الذي يعد أحد مكتسبات السياسة الخارجية للمملكة.
* *
ومع دعوة المملكة إلى ضرورة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والعدو الإسرائيلي، بما يشمل الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، وتطبيق القرار 1701 والقرارات الدولية ذات الصلة، فإن دعم المملكة الإنساني للشعب اللبناني من خلال الجسور البرية والجوية والبحرية لم يتوقف، وحملت مساعدات إغاثية طبية وغذائية وإيوائية.
* *
أما ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة الرئيس اللبناني واجتماعه بولي العهد، فهذا كان بتفاصيله أُعلن عنه في بيان مشترك، مؤكداً أن الفرصة أصبحت متاحة لعلاقات سعودية لبنانية مستقبلية تعيد لبنان إلى المملكة وإلى الدول العربية، بما يخدم لبنان، وينقذه من الضياع الذي كان عليه.