عبد الله سليمان الطليان
يقول الرئيس بايدن (أنا مسيحي) (وصهيوني) عجباً كيف تخرج (بصحبة الشواذ جنسياً) وتشجع المثلية الجنسية، ولماذا هذا العمق الديني يكون مع تلك (العصابات الصهيونية على أرض فلسطين)؟ إنه يتم بدافع ديني مترسخ في عقليته، وكذلك من هم من اتباعه من (الإنجيلين born again christins) سواء في الحزب الديمقراطي أو الجمهوري, الذين يقولون أن أمريكا وقيمها وعاداتها تتفق مع (تلك العصابات الصهيونية): أين الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يتشدق بها كل رئيس أمريكي ينتخب؟ والتي تجعلها أمريكا سلاحاً أولياً لغزو البلدان في أنحاء العالم في حالة وجد عندها ثروات أو حاولت الاستغناء عن الشركات الأمريكية في أرضها أو التعامل معها. ولماذا أرض فلسطين استثناء؟ التي تتعمق فيها (الأصولية المسيحية الأمريكية). الحقيقة تتضح من خلال كتاب (الحرب الصليبية الأخيرة) للمؤلفة الأمريكية باربرا فيكتور التي تقول باربرا: في الخمسينيات من القرن العشرين بعد الحرب مباشرة، كانت الحركة الإنجيلية قد انتعشت في الولايات المتحدة بإقامة الدولة اليهودية، التي اعتبر أعضاؤها أن الأمر كان يتعلق هنا بتحقيق واحدة من نبوءات الكتاب المقدس.
ظاهرياً، ادعى المسيحيون الإنجيليون باستمرار أن حبهم (لإسرائيل)واليهود ناجم فقط من انضمامهم إلى الميثاق الإبراهيمي في سفر التكوين، حيث قبل بأن الله ورث الأحفاد العبريين لإبراهيم الأرض القديمة لإسرائيل، وهذه نقطة أساسية في عقيدة الإنجيليين في الرسالة التقوية إلى الرومانيين، أعلن القديس بولص بأن هذا الجدل يجازف بأن يستغرق إلى حين قيام الساعة. ينبغي أن يجري بوعي وذكاء واحترام ومحبة. قد يكون عظيماً الشعور بالخجل، وقوياً إغراء الصمت، ولكن ليس للأبناء الأوفياء لرب إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويسوع الحق في أن يتوقفوا عن ذلك قبل أن يحين الوقت المناسب. ويضيف بأنه لا يمكننا، ببساطة، أن نتفق على خلافنا، لأننا في استكشاف اتفاقنا وخلافنا نكون الأكثر ارتباطاً بعضنا ببعض. واقعياً، هذا يعني بأن ليس من حق أحد، ولا حتى سياسي (إسرائيلي) أو زعيم أوروبي أو أمريكي أو عربي أن يناقش حدود إسرائيل مثلما ثبتت بالنص التوراتي المعصوم. لا تعلو كلمة الإنسان (لا) على كلمة الله «نعم». هذا أحد الشعارات المفضلة للمسيحيين الإنجيليين. غير أن الإنجيليين، من وراء هذه المظاهر، سعوا على الدوام إلى هداية اليهود وليس إلى نيل عطفهم. أو اعتبروهم كممثلين قاصرين على مسرح مسيحيين حيث يفترض بهم الاعتراف بيسوع حتى يمكن تحقيق نبوءة الكتب المقدسة التي تقول بأن المسيح سيعود إلى الأرض مخلصاً ومنقذاً للبشرية جمعاء، في عام 1963، أثناء المجمع الفاتيكاني الثاني - Nostra Astate أعلن البابا يوحنا الثالث والعشرون أنه لا ينبغي بعد الآن اعتبار اليهود مذنبين في موت المسيح. ورغم هذا الإيعاز الصادر من أعلى السلطات في الكنيسة الكاثوليكية، لا تزال هناك في العالم آثار راسخة جداً لمعاداة السامية تظهر بين الحين والآخر.
استطاع هؤلاء، في أقل من ثلاثين سنة أن يغيروا الوضع مثل هذا التغيير الجذري. فبينما لم يكن لهم عند انطلاقهم سوى نفوذ هامشي على المشهد الداخلي الأمريكي، ها هم يمارسون الآن تأثيراً حاسماً على السياسة الخارجية للبلاد، وخاصة في الشرق الأوسط، وعلى نحو أخص في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. خلال الجزء الأكبر من مهنتي، قمت بتغطية هذا الصراع الذي لا نهاية له، وتحدثت أو كتبت عن الطريقة التي يرى بها كل طرف الوضع. وأياً كانت التحليلات والبلاغة التي تسمعها في أركان العالم الأربعة، فإن أمراً واحداً كان واضحاً: كان الأمر يتعلق بصراع يواجه شعبين يطالبان بنفس رقعة الأرض، ومستعدين للموت، كل في سبيل قضيته. في الواقع، كنت مخطئة، لأنه منذ الآن فصاعداً، تشتمل هذه المعادلة على حد ثالث - المسيحيون الإنجيليون الذين يبرزون بدورهم حقوقهم على قطعة الأرض الصغيرة هذه، المتنازع عليها نزاعاً شديداً، والذين غيروا دائماً توازن القوى في هذه المنطقة من العالم.
هل اختار المسيحيون الإنجيليون بعزم أن يركزوا جهودهم على السياسة الخارجية لمعرفتهم بأنه لم يكن بمقدورهم أن يقروا قوانين مؤسسة على الوصايا العشر، ومطابقة للأوامر الدينية والأخلاقية الناجمة عن معتقداتهم؟ يمكننا أن نطرح السؤال على أنفسنا. مع ذلك، هناك أمر مؤكد: بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، عرف العالم تحولاً عميقاً وفي المحصلة، تغيرت أولويات اليمين المسيحي بدورها، مثلما هي أولويات المجتمع الأمريكي، ومن ثم البلاد بأسرها.
كان الله دائماً مقترناً عن كثب بكل أوجه الحياة الأمريكية، ولكن هناك حدثان أساسيان من تاريخنا الحديث، لم يغيرا النسيج الداخلي للبلاد فحسب بل وضاءلت كثيراً فرص اتفاقي حول النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.
من وجهة نظر المسيحيين (الخلاصيين) الأمريكيين، كان الترياق الوحيد ضد الشيوعية الكافرة إيماناً قوياً بالله اليوم، يرى الأمريكيون أن العلاجين الوحيدين ضد الإسلام هما القيم اليهودية - المسيحية والقوة العسكرية.
في البداية، كنت أعتقد بأن موضوع عملي الحالي سيكون تأثير الإنجيليين على النسيج الأخلاقي والاجتماعي والثقافي للولايات المتحدة، ولكن كلما تقدمت، أدركت أنه كان من المتعذر مقاربة الظاهرة من دون إدراك تأثيرهم الحاسم والكبير على السياسة الشرق أوسطية لأمريكا، وما اكتشفته أيضاً من خلال تجوالي في الولايات المتحدة لمتابعة أبحاثي ومقابلة كل من كان يريد أن يفتح قلبه لي هو أن بلدي قد أصبح فريسة للتطرف واللاعقلانية.
منذ قيام (دولة إسرائيل)، التي يتخذها الإنجيليون كدليل على أن العالم يقترب من المجيء الثاني للمسيح المبشر به في العهد الجديد، لم تبلغ الحماسة الرسولية عند الأصوليين المسيحيين مثل هذه الذرى، خاصة بشأن (إسرائيل)، وفق استطلاع لمؤسسة غالوب، أجري في كانون الأول 2003 ، قدر عدد أعضاء منظمة المسيحيين الخلاصيين في الولايات المتحدة بثمانين مليون شخص، يبدون في هذه البلاد دعماً غير منقوص بسبب العديد من الأحداث السلمية المعينة التي أصبحت من المعالم الأساسية لتاريخهم المشترك في البدء، كانت المحرقة، ومن ثم أصبحت قيام (دولة إسرائيل). ربما صدم هذا الحدث الثاني المجتمع المسيحي على نحو أكبر، رد الفعل الأكثر شيوعاً لهذا الجانب، حيال آلام اليهود، كان أن الأمر يتعلق هنا بالنتيجة المنطقية لرفضهم ليسوع المسيح ولصلبه، كانت الحجة بسيطة رفض اليهود المسيح يسوع، ثم بدوره رفضهم الله، واستدار، بوضعه اليوم، الخدمات الكهنوتية لكلام الرب منظمة تضم أكثر من خمسة وسبعين ألف مسيحية ينتشرن في عموم الولايات المتحدة لهن هدفان رئيسيان الأول هو جباية الأموال لتمويل حملات المرشحين الإنجيليين الذين يكافحون في سبيل دعم قضايا وطنية عزيزة على قلوب اليمين الأمريكي مثل إنقاذ الأطفال قبل الولادة وتشجيع الصلاة في المدرسة، وإدانة فساد المثلية الجنسية، ودعم الحرب في العراق.
روت لنا باربرا فيكتور حكاية سيدة اسمها جوليا بندغراست تبلغ من العمر الستين وهي تسكن منزلاً من طابقين في ضاحية راقية من كنساس سيتي في ميسوري. وهي من اتباع المسيحيين الخلاصيين تقول إنها تعتبر شخصية حاييم وايزمان الرئيس الأول (لإسرائيل) نموذجاً الكيميائي في مهنته، تدعي بأنه قدم للمملكة المتحدة السلاح الذي كان ينقصها لإخراج القوات المتحالفة من براثن أدولف هتلر. تشرح بندغراست: (انظروا، لقد كانت انكلترا محرومة من الإنتاج الكيميائي الضروري لصناعة الذخائر والعتاد، حينها، اخترع وايزمان بديلاً. ولمكافأته على إنقاذه العالم من براثن هتلر، سأله القادة البريطانيون ما كان يمكنهم أن يفعلوه له. فأجاب وايزمان بأنه يريد أرضاً للشعب اليهودي) انتهى.
أخيرا ًنجد أمريكا ومعها الأوربيون يحذرون من الأصولية الإسلامية وأنها رجعية ومتخلفة ويجب استخدام القوة العسكرية ضدها، هنا يتضح الأمر في أن هذه حرب دينية وليس كما يسوق الإعلام الأمريكي في انه ضد الديمقراطية وحقوق الإنسان. وهذه هي الخلفية الحقيقية وراء كلمة الرئيس بايدن (لولا لم تكن موجودة لكان لزاماً علينا إيجادها).