يبدو أننا في موسم انتخابات لم يكن مخططا له من قبل في معظم حالاته، فوفاة الرئيس الإيراني رئيسي في حادث الطائرة مع وزير خارجيته وعدد من مرافقيه قضى بإقامة انتخابات جديدة، كما أن فوز اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوربي قرع جرس الإنذار للأحزاب الحاكمة في بعض الدول الأوروبية ليشعرهم أن الأغلب من الشعب في تلك الدول غير راض عن تسيير الأمور الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما أن المواقف من بعض لإحداث الجيوسياسية المحيطة بأوروبا قد أوجدت بعض القلق لدى تلك الشعوب، فقد حدث ذلك في ألمانيا التي اعترف مستشارها أن الشعب يخشى الحرب وغير راض عن الوضع الاقتصادي، ومثل ذلك أيضاً في بلجيكا، أما فرنسا فقد اتخذ رئيسها قراراً بإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، وقد أحدث ذلك القرار جدلاً داخل حزب الرئيس خشية تقدم التجمع الوطني اليميني بقيادة السيدة لوبان الموصوم حزبها بأنه متطرف، وقد حدث ما كان يتخوف منه البعض، فقد تقدمت الأحزاب اليمينية في فرنسا بنسبة كبيرة بلغت ثلاثة وثلاثين في المائة، وتلاها تجمع اليسار بنسبه ثمانية وعشرين، بينما لم يحصل حزب الرئيس الوسطي إلا على نحو عشرين في المائة، وحصل حزب الخضر وأحزاب أخرى على نسب أصغر، ولاشك أن انتخابات الإعادة ستكون هامة جدا لمستقبل فرنسا، لكن الدعوات من الرئيس وحزبه وكذلك الأحزاب الأخرى إلى تجنب التصويت للحزب اليميني، والضخ الإعلامي الكبير، سوف يؤدي إلى فوز اليسار وتشكيل الحكومة الائتلافية إن أمكن، وسوف يخسر حزب الرئيس مكانه ومكانته، وبرر بعض المحللين ذلك إلى الظروف الاقتصادية، والموقف من الحرب بين روسيا وأوكرانيا وقضايا الهجرة وغيرها.
في بريطانيا كان المتربع على الأغلبية ومن ثم قيادة البلاد حزب المحافظين الذي استمر أربعة عشر عاماً حدثت خلالها أحداث جسام، كان أبرزها الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوربي، والذي صوت فيه الشعب البريطاني بالموافقة على الخروج وبنسبة ضئيلة جداً، كما حدثت أمور أخرى مثل تعاقب عدد من الأشخاص على رئاسة الوزارة في فترة وجيزة حتى أن إحدى السيدات التي تولت الرئاسة لم تمكث سوى نحو شهرين، إضافة إلى انشقاق السيد ناجي فراج من الحزب وتشكيله حزب جديد سماه حزب الإصلاح ريفورم، وهو حزب محافظ في أقصى اليمين، كان زعيمه من أشد الداعين إلى الخروج من الاتحاد الأوربي، دون تشاور أو اتفاق، وقد أحدث ذلك خصاماً بينه وبين رفيق دربه في الحث على الانفصال عن أوروبا الرئيس الأسبق السيد جونسون، والذي خرج بدوره من رئاسة الحكومة بعد قضية حدثت خلال جائحة كورونا، ولم يكن الحزب موفقاً في بعض أدائه فقد زاد التضخم بنسب عالية لاسيما أسعار الغذاء، وارتفع سعر الفائدة، وضعف الأمن، وقلت القوة الشرائية، وتباطأ النمو حتى وصل إلى نسب غير مقبولة، كما أن الهجرة بقيت هاجسا مهما في جميع الدول الأوربية وبريطانيا.
بقي أن نذكر أن الولايات المتحدة وهي قائدة العالم اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً تعيش موسما انتخابيا محموما بين حزبين لا ثالث لهما منذ أكثر من مائة عام مما يعطي الدلالة على أن هناك مظلة يقع تحتها الجميع، كما أن موريتانيا قد أنجزت انتخاباتها بفوز معلوم سلفا لحزب الرئيس، ومازال الموسم مستمراً.