: آخر تحديث

فصل جديد في فن صناعة الترفيه

2
2
1

صيغة الشمري

مع تصاعد تحقيق مستهدفات رؤية 2030 -التي تدعمها القيادة الرشيدة باتت المملكة تتصدر المشهد العالمي في مختلف المجالات، وتمضي بوتيرة متسارعة للوصول إلى أعلى المستويات. وفي هذا الإطار يشكل قطاع الترفيه نموذجاً حياً على كيفية توظيف الرؤية الاستراتيجية في تحويل التحديات إلى فرص، وجعل الثقافة والترفيه محركات أساسية للتنمية.

ويأتي المنتدى الذي عقده مجلس الأعمال السعودي - الأمريكي، بالتعاون مع الهيئة العامة للترفيه ووزارة الاستثمار في لوس أنجلوس، كمنصة عملية لاستعراض الإمكانات السعودية وفتح قنوات الشراكة مع قادة صناعة الترفيه العالمية، فالسعودية اليوم لا تنظر إلى القطاع باعتباره نشاطاً هامشياً أو ترفاً اجتماعياً، بل كقطاع استراتيجي يساهم في رفع جودة الحياة، وتعزيز الهوية الوطنية، وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد على النفط.

والمتأمل للأرقام التي حققها القطاع في السنوات الأخيرة - أكثر من 76.9 مليون زائر للفعاليات الترفيهية في العام الماضي - يدرك تماماً أن المملكة لا تنتظر إقبالا مؤقتاً، بل تبني قاعدة مستدامة قادرة على دعم استثمارات ضخمة مثل القدية، الدرعية، وحديقة الملك سلمان وغيرها من المشاريع الكبرى، باعتبار أن هذه المشاريع ليست مجرد وجهات للترفيه، إنما مدن متكاملة تحمل بعداً حضرياً وثقافياً يضع الرياض في مصاف العواصم العالمية للثقافة والسياحة.

واعتقد أن المهرجانات الكبرى مثل «موسم الرياض» و«ميدل بيست ساوندستورم» و«موسم جدة» تحولت إلى علامات فارقة في صناعة الترفيه المحلي والعالمي، وأصبحت قادرة على جذب فنانين عالميين وجماهير عابرة للقارات. وفوق ذلك، تتميز هذه التجربة بقدرتها على المزج بين الأصالة السعودية والانفتاح على العالم، وهو ما يمنحها طابعاً فريداً يجعلها أكثر من مجرد عروض فنية أو أنشطة سياحية فقط.

وما يلفت الأنظار أكثر للمملكة أنها لم تكتف باستقطاب الجماهير، بل حرصت على بناء شراكات استراتيجية مع شركات عالمية كـ»وارنر برذرز ديسكفري» و»سيكس فلاغز»، في توجه يعكس وعياً بأهمية نقل المعرفة والخبرة، إلى جانب الاستثمار في البنية التحتية، فالمعادلة السعودية تقوم على الجمع بين الخبرة العالمية والكوادر المحلية، بما يضمن صناعة ترفيه وطنية قادرة على المنافسة العالمية.

وفي رأيي، أن ما نشهده حالياً هو بداية تحول نوعي يجعل قطاع الترفيه أحد أعمدة القوة الاقتصادية السعودية، بفضل توظيف هذا القطاع لتعزيز الصورة الذهنية عن المملكة، وخلق فضاءات للتواصل الثقافي مع الدول الأخرى، وتمكين الشباب من فرص عمل وإبداع جديدة، خصوصاً أن الترفيه أصبح مشروعاً وطنياً يترجم رؤية مستقبلية تسعى لأن تكون المملكة مركزاً عالمياً للإبداع والثقافة والاقتصاد، مما جعل التحدي القادم يكمن في الحفاظ على هذا الزخم، وضمان استدامة النمو عبر الابتكار المستمر وتوسيع قاعدة المشاركة المجتمعية، ليكون الترفيه واجهة حضارية ترسم ملامح مرحلة جديدة في تاريخ بلادنا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد