: آخر تحديث

قمــة المصيـر

2
2
2

تجتمع في الدوحة قمة عربية إسلامية طارئة، استدعتها الظروف بعد الاعتداء الإسرائيلي على السيادة القطرية، حدث يتجاوز قطر وحدها، ليمسّ الأمن الجماعي العربي والإسلامي، ويطرح سؤال القدرة على رسم حدود واضحة أمام سياسة العدوان والتوسع.

القمة ليست اجتماعًا بروتوكوليًا، بل اختبار عملي لوحدة الصف، فالرسالة الأولى أن أي اعتداء على دولة خليجية أو عربية هو اعتداء على الجميع، وأن الرد يجب أن يكون جماعيًا، بما يعكس جدية المنظومة العربية والإسلامية في حماية سيادتها وأمنها.

المخرجات المتوقعة تتجاوز لغة الشجب المعتادة، فالقمة مدعوة إلى إصدار موقف قانوني ودبلوماسي صلب يحمّل إسرائيل مسؤولية الهجوم بوصفه انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، ودفع الملف إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، كما يُنتظر أن تؤسس لتحرك دبلوماسي منظم تقوده لجنة عربية-إسلامية، لتنسيق الجهود في العواصم المؤثرة وتحويل التضامن الدولي مع الدوحة إلى إجراءات عملية.

وتأتي القضية الفلسطينية في قلب هذه اللحظة، إذ يشكّل استهداف قطر امتدادًا للعدوان على غزة، ما يعيد التأكيد على أن فلسطين ليست ملفًا جانبيًا بل جوهر الصراع وأساس الاستقرار في المنطقة. وفي السياق الخليجي، تعزز المواقف المعلنة من هذا العدوان وحدة الموقف، وتؤكد أن أمن الخليج منظومة واحدة لا تقبل التجزئة.

وفي هذا السياق، يكتسب خطاب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أهمية خاصة، باعتباره تعبيرًا عن الموقف السعودي الراسخ في الدفاع عن أمن الخليج والقضية الفلسطينية، ورسالة بأن المملكة تضع ثقلها السياسي والاقتصادي والدبلوماسي خلف أي جهد جماعي يحفظ الاستقرار ويواجه الاعتداءات، حضوره في القمة يضيف بعدًا قياديًا، ويعكس أن الرياض تتحمل مسؤوليتها التاريخية في حماية المنطقة وتثبيت الأمن الدولي.

كما أن القمة تتيح فرصة لتأسيس مسار إستراتيجي جديد، يقوم على آلية دائمة للتشاور والتنسيق في مواجهة الأزمات، بما يحول ردود الفعل اللحظية إلى سياسة راسخة تضع حدًا للاعتداءات وتحافظ على استقرار المنطقة.

وينتظر أن تحمل القمة رداً مناسباً على العدوان الإسرائيلي، وتأكيداً على التضامن مع دولة قطر، وتحميل المجتمع الدولي مسؤولية صمته الذي شجع إسرائيل على التمادي في انتهاكاتها، بجانب رفض سياسة الإفلات من العقاب، والمطالبة بمحاسبة الاحتلال على جرائمه.

قمة المصير ليست محطة عابرة، بل منعطف حقيقي في مسار الأمة، إذ تحمل على عاتقها مسؤولية تحويل التضامن إلى فعل، والزخم الدولي والإقليمي إلى قوة سياسية مؤثرة لفرض السلام.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد