: آخر تحديث

جيل المستقبل

3
3
3

في خطوة ترتقي بأنظمة التعليم نحو المستقبل، أعلنت وزارة التعليم بشراكة وثيقة مع وزارة السياحة والمركز الوطني للمناهج إدراج مقرر السياحة والضيافة ضمن مسار التعليم العام الاختياري لطلاب وطالبات الصف الثالث الثانوي، ويطرح المنهج ابتداءً من العام الدراسي 2025/2026 ضمن إطار غير إجباري يتيح خيارات متعددة للشباب.

صُمم المنهج بأسلوب تعلّمي مبتكر يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، ويقدم مفاهيم أساسية في مجالات السياحة والضيافة بلغة مبسطة وشيقة، ويشمل قضايا المحيط الاقتصادي الوطني، ويعرّف الطلاب على مقومات السعودية السياحية من موارد طبيعية وتراثية وثقافية، كما يُضيء لهم جوانب الفرص الوظيفية المحتملة في القطاع. هذه المبادرة تُعد رديفًا مباشرًا لمستهدفات رؤية السعودية 2030 في بناء اقتصاد متنوع وزيادة الفرص للجيل الجديد.

وتشير وزارة السياحة إلى أن هذا التوجه التعليمي ينسجم مع أهدافها في استقبال 150 مليون زائر بحلول 2030، بعد أن نجحت المملكة في تحقيق رقم قياسي بوصول عدد الزوار الدوليين إلى أكثر من 106 ملايين زائر في 2023، وهو إنجاز جعل السعودية تتصدر قائمة أسرع الوجهات السياحية نموًا عالميًا وفق منظمة السياحة العالمية. كما تجاوزت مساهمة القطاع السياحي 7 % من الناتج المحلي الإجمالي عام 2023، بما يعادل أكثر من 100 مليار دولار، وهو ما يعكس الدور المحوري للسياحة كقاطرة للتنمية المستدامة.

إن إدخال هذا المقرر في المرحلة النهائية من التعليم الثانوي يعني إتاحة الفرصة للطلاب لاختيار مسارات تتماشى مع ميولهم وطموحات سوق العمل. إنه ليس خيارًا عابرًا، بل بوابة نحو مقعد جامعي أو مهنة في قطاعات تُعد حيوية ومتجددة، مثل إدارة الفعاليات، التسويق السياحي، الابتكار في الضيافة والسياحة المستدامة. ومع المشاريع الوطنية العملاقة مثل نيوم، البحر الأحمر، القدية، والدرعية، فإن المملكة بحاجة إلى طاقات وطنية متخصصة تُدير هذه الوجهات بمعايير عالمية.

هذه الخطوة التعليمية أيضًا ليست معزولة عن جهود أخرى لربط التعليم بسوق العمل، فالمملكة تسعى بشكل متكامل إلى بناء رأس مال بشري متمكن، وهو ما يتضح في انتعاش مدينة الملك عبدالله المالية (KAFD) كمركز عالمي للشركات والمقرات الإقليمية، وفي تزايد معدلات مشاركة النساء في سوق العمل إلى 36 %، وهو ما يجعل قطاع السياحة والضيافة قناة أساسية لتمكين الشباب والمرأة على حد سواء.

إن تثقيف الطلاب بمفاهيم الضيافة السعودية الأصيلة يحفظ الهوية الوطنية وينقلها للعالم في إطار احترافي. هؤلاء الطلاب لا يتعلمون ليكونوا موظفين فحسب، بل سفراء يمثلون المملكة بقيمها وثقافتها أمام ملايين الزوار القادمين.

ختامًا، إدراج مقرر السياحة والضيافة اختياريًا في الصف الثالث الثانوي ليس مجرد قرار وزاري، بل هو رسالة استراتيجية مفادها أن التعليم أصبح استثمارًا في الإنسان والاقتصاد والهوية. إنه وعد بأن الجيل القادم سيُسهم في تحويل السعودية إلى مقصد عالمي متوازن، يجمع بين ازدهار السياحة وتعزيز مكانة الوطن على الساحة الدولية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد