: آخر تحديث

ميزانية المنافع الاجتماعية والإصلاحات

4
3
2

على الرغم من انخفاض إجمالي الإيرادات بنسبة 13% خلال الربع الثالث من العام الجاري، لتبلغ 270 مليار ريال مقارنة بنحو 309 مليارات ريال المسجلة في الربع الثالث من عام 2024، إلا أن الميزانية العامة للدولة واصلت الإنفاق بسخاء على المنافع الاجتماعية، ليصل إجمالي ما تم إنفاقه على هذا النوع من المنافع حتى نهاية الربع الثالث من عام 2025 إلى نحو 86 مليار ريال.

إن الاستمرار في هذا الضخم على المنافع الاجتماعية يؤكد على حرص الحكومة على تعزيز منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية باعتبارها أحد الأولويات المحورية ضمن سياساتها المالية والاجتماعية بالربع الثالث من عام 2025.

يُعزى انخفاض إجمالي الإيرادات خلال الربع الثالث من عام 2025 إلى تراجع الإيرادات النفطية بنسبة 21% مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، والذي يعود بشكلٍ أساسي إلى تراجع أسعار النفط خلال الفترة نفسها، حيث سجّل متوسط سعر البرميل انخفاضًا بنسبة 15.1% خلال الفترة من يناير إلى يونيو من العام الجاري، ليبلغ نحو 70.8 دولارًا أمريكيًا للبرميل، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي. ويُعزى هذا التراجع في الأسعار إلى تداعيات التوترات التجارية والجيوسياسية العالمية، التي ساهمت بشكل ملحوظ في زيادة تقلبات الأسعار في أسواق النفط العالمية.

وما خفف من حدة انخفاض الإيرادات النفطية خلال الربع الثالث من العام الجاري، مواصلة الإيرادات غير النفطية نموها، حيث بلغت نحو 119 مليار ريال، مقابل 118 مليار ريال للربع الثالث من العام 2024 بارتفاع بلغت نسبته 1%، ما يعكس إيجابية الجهود المبذولة في ظل رؤية السعودية 2030 لتنمية الأنشطة غير النفطية من خلال استمرار جهود التنويع الاقتصادي.

وعلى صعيد الإنفاق العام، فقد سجّل إجمالي النفقات خلال الربع الثالث من العام 2025 نحو 358 مليار ريال بزيادة بلغت نسبتها 6% عما تم إنفاقه في الربع الثالث من العام 2024 والبالغ نحو 339 مليار ريال، في حين بلغ العجز خلال الربع الثالث من العام 2025 نحو 89 مليار ريال؛ ليرتفع العجز الإجمالي حتى نهاية الربع الثالث من العام 2025 ليصل إلى نحو 182 مليار ريال.

رغم العجز المالي الذي كشفت عنه الميزانية، إلا أن النتائج المالية للميزانية، تؤكد على استمرار الحكومة في استكمال مسيرة الإصلاحات المُنفذة على الجانبين الاقتصادي والمالي في ظل رؤية السعودية 2030 وتحقيق الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، والتي تعزز من متانة وقوة الاقتصاد الوطني في مواجهة التحديات والصدمات والتطورات الاقتصادية العالمية. وما يؤكد على ذلك مرونة الاقتصاد المحلي في مواجهة التحديات العالمية ومن أبرزها تصاعد التوترات الجيوسياسية الأخيرة، وتقلبات أسواق النفط العالمية خلال العام الحالي، حيث تتبنى الحكومة سياسة مالية معاكسة للدورة الاقتصادية تعزز من فاعلية السياسة المالية في تحقيق التوازن والاستقرار الكلي والنمو الاقتصادي المستدام.

إن اتباع الحكومية السعودية لسياسة مالية معاكسة، أسهمت في المحافظة على وتيرة حراك الاقتصاد السعودي، وأسهمت في زيادة الإيرادات غير النفطية للحد من تأثير انخفاض الإيرادات النفطية، مما حال دون تراجع إجمالي الإيرادات بذات النسبة.

ولكن رغم التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، إلا أن أداء المالية العامة خلال هذا العام يؤكد النهج التوسعي والمعاكس للدورة الاقتصادية على مستوى الإنفاق يحقق عوائد اقتصادية واجتماعية من خلال استكمال تنفيذ المبادرات التحولية والمشاريع الاستراتيجية الهادفة إلى تحقيق النمو المستدام وزيادة تنويع القاعدة الاقتصادية، إلى جانب مواصلة تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات العامة بما يسهم في رفع جودة الحياة في المملكة، فضلاً عن تحفيز البيئة الاستثمارية لتحقيق المستهدفات.

أخلص القول؛ بأنه رغم العجز المالي الذي كَشفت عنه نتائج الميزانية العامة للدولة خلال الربع الثالث من هذا العام، إلا أنها لا تزال قوية ومتينة، تعكس استمرار الدولة في الإنفاق على تنفيذ المبادرات والمشاريع التي تسهم في تحقيق مستهدفات التنويع الاقتصادي، مع ضمان المحافظة على الاستدامة المالية وتعزيز نمو الاقتصاد السعودي.

كما واستمرت الحكومة في اتباع منهجية مرنة تهدف لتحقيق أفضل النتائج المالية الممكنة مع المحافظة على ارتفاع مستوى الأداء، وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين على حدٍ سواء، مع الموازنة بين أهداف النمو الاقتصادي والمحافظة على الاستدامة المالية.

وتواصل أيضًا الحكومة تنفيذ البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي تحقيقًا للأهداف الرئيسة الثلاثة لرؤية السعودية 2030، "وطن طموح، واقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي"، ما أسهم في تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني والمحافظة على مستويات دين عام يتوافق مع القدرة الاقتصادية والمالية للمملكة، حيث يُعد من ضمن الأقل على مستوى دول مجموعة العشرين، ويستفيد من من فرص التمويل المتاحة بفضل التصنيف الائتماني المرتفع للمملكة، ويُستثمر لتحقيق عوائد تفوق تكلفة الدين بمراحل، مدعومًا باحتياطيات حكومية ضخمة بلغت حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي أكثر من 398 مليار ريال.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد