عبده الأسمري
ما بين القصة والرواية كتب جملته الاسمية من «مبتدأ» الإلهام وخبر «المهام» مشفوعاً بفروسية «الصحافي» ومدفوعاً بفراسة «المعرفي» ليضيء «الدروب» المعتمة بمشاعل «التنوير» وقناديل «التطوير».
انتهل من «المقالة» حرفية الكتابة ومن «الثقافة» احترافية النصوص ليستقر على «منصات» التنويع خليلاً للقلم ونبيلاً في العطاء وأصيلاً أمام التنافس حاصداً «السمعة» المحفوظة في «صدور» الواقفين على خطوط «الحياد».
إنه القاص والأديب ورئيس التحرير الأسبق لصحيفة اليوم الأديب والكاتب خليل الفزيع أحد أبرز الأدباء والمثقفين ورجال الصحافة في الوطن.
بوجه «حساوي» الملامح مسكون بألفة «البساطة» وسمات «شرقاوية» مألوفة تطغى عليها سمات «الرقي» وومضات «السمت» تتكامل مع والديه وتتماثل مع أخواله وشخصية وسطية «الرأي» فاعلة «الفكر» لطيفة «المعشر» وعينان تسطعان بنظرات «التدبر» ولمحات «التفكر» وكاريزما تتسطر وسطها معاني «التهذيب» ومعالم «التأدب» ولغة فصحى تتصدر «مشهد» الحضور وتعتلى «جوهر» التواجد ولهجة حساوية «بيضاء» في مجالس الأصدقاء ومرابع الزملاء.. ومخزون خبرة زاخر بالأدب وفاخر بالثقافة وعبارات متزنة تتوارد منها «براعة لفظية» و»بلاغة قولية» قضى الفزيع من عمره «عقود» وهو يبهج «الصحافة» بجميل العطاء ويميز «القصة» بانفراد المعنى ويعزز «الرواية» بأصيل الفكر صحافياً وكاتباً وقاصا ًوروائياً ملأ «مكانه» وأبهج زمانه بأرقام «التميز» وأرصدة «الأثر» ليسطع اسمه في «مدارات» المعرفة بوقائع «الإنتاج» وحقائق «الضياء».
في قرية الجشة الدرة المكنونة في عقد محافظة الأحساء الشهيرة بزف الأدباء والمثقفين إلى محافل الإثراء ولد عام 1941م في يوم مجلل بالفرح ومشهد مكلل بالسرور واختارت له أسرته اسم «خليل» تماشياً مع الاستبشار بالاسم والابتهاج بالمسمى وامتزجت نهارات القرية بدواعي البهجة ومساعي المهجة في مباركة مشهودة ملأت الأرجاء بعبير المقدم.
تفتحت عيناه طفلاً على «أب كريم» من كبار قومه و»أم حانية» من فضليات عائلتها، وارتهن إلى «تربية» عميقة ملأت وجدانه بموجهات «النصح» وتوجيهات «النفع».
انتفع في طفولته بمعالم «التوجيه» في توجيهات والده الذي دأب على اصطحابه لمسجد «القرية» وقراءة القرآن الكريم جهراً على أسماع المصلين مفتخراً بروعة «المشهد».
تعتقت نفسه بنسائم «الحقول» في نهارات قريته وتشربت روحه أنفاس «البكور» في صباحات طفولته فنشأ مشفوعاً برياحين «الأماكن» التي وشمت أعماقه بومضات الإنتماء.
ركض صغيراً بين أقرانه مراقباً بصمات «البركة» في سحن «الكادحين» العابرين على عتبات «الفلاح» ومرتقباً تلك «الحكايات» المنسوجة في قلوب المسجوعين بومضات «الكفاح» وظل ينتهل من «معين» عائلي أمطر على «أوقاته» بصيب نافع من «الشيم» التي أضاءت له دروب «اليقين» وغمرت وجدانه بذكريات أولى فرشت طريقه ببصائر «الثبات» ومصائر «الأمنيات».
انتظم في التعليم العام وكان واسع الاطلاع ومولعاً بالقراءة منذ صغره وصاحب نبوغ «مبكر» ارتبط بالمخزون الثقافي الباكر الذي شحن عقله بالبحث والتحليل وتشكيل «بناء» القصة وفق موهبة تكاملت مع «بعد نظر» رسم له «خرائط» المكانة القائمة على «أضلاع» المهارة.
ظل «الفزيع» في انتظار أسبوعي على «باب» منزلهم حتى يأتي إليه والده بغنيمة من «كتاب» أو «مجلة» أثناء زيارته الأسبوعية لمدينة الهفوف إمعاناً في إشباع «غرور» الطفل النابه العاشق لإضاءات «المعارف».
تخرج الفزيع من معهد الأحساء العلمي عام 1960م وعمل في وزارة المعارف ووزارة الإعلام ثم تفرغ للعمل في صحيفة اليوم منذ صدور عددها الأول عام 1965م وتدرج فيها في عدة مهمات مصححًا ثم محررًا ثم سكرتيرًا للتحرير ثم مديرًا للتحرير ثم رئيسًا للتحرير.
أحب «القصة» وظل يرتب مواعيد «الأولوية» على أسوار «التأليف» حيث تمكن من نشر أول مجموعة قصصية في الأحساء، وشارك في تأسيس مؤسسة العهد القطرية للصحافة عام 1973م. التي أصدرت مجلة العهد الأسبوعية والجوهرة الشهرية وكتاب العهد الدوري.
بدأت علاقة الفزيع بالكتابة أثناء دراسته بالمعهد العلمي، حيث نشر مقالاته في جريدة الخليج العربي وجريدة أخبار الظهران، وأصدر كتابه الأول في النقد الأدبي بعنوان «أحاديث في الأدب» في دمشق عام 1966م، ونشر أول قصصه في الستينيات في مجلة اليمامة.
تضمنت أعماله الأولى «سوق الخميس» و»الساعة والنخلة» التي صدرت في قطر عام 1977م، و»النساء والحب» عام 1978م. وكتاب «أفكار صحفية» الصادر عن نادي الرياض الأدبي عام 1981م، وكتب مئات المقالات المميزة على مدار خمسة عقود وأضاف إلى رصيد «المكتبة العربية» العديد من المؤلفات في القصة القصيرة والشعر والسيرة وأدب الرحلات، ولأنه مسكون بالإبداع فقد أصدر خمس روايات هي: النعاثل. ومواجع الأيام. وبلال وبعض التفاصيل. وبراحة الخيل. والقيصرية، وبلغ عدد إصداراته حوالي 28 إصدارًا. ونُشرت له المجلة العربية أول قصيدة بعنوان «ترحال» وقد أصدر ما يقارب 5 دواوين شعرية، وتعين رئيسّا لمجلس إدارة النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية وقدم خلال فترة رئاسته العديد من المنجزات.
تم تكريم الفزيع في عدة محافل، ومنها مهرجان الرواد العرب في جامعة الدول العربية بالقاهرة عام 2012م. كأحد رواد القصة القصيرة وفي إثنينية عبد المقصود خوجة ونادي أبها الأدبي وعدة جهات أدبية ومجالس ثقافية.
وكتبت عنه عدة دراسات منها. «الفزيع وعالمه القصصي». لجاسم الجاسم و»الفزيع بين الصحافة والأدب» للدكتور محمد الصادق عفيفي و»خليل الفزيع والشعر» لمبارك بوبشيت وآخرون. ولقاءات صحفية» لمحمد بن علي الخلفان. كما ترجمت بعض قصصه إلى الإنجليزية، وقد تم تحويل بعض مؤلفاته الى أعمال درامية.
تمسك «الفزيع» بزمام «الإنسان» ليلتقط شظايا» المعاناة» المترامية خلف «أسوار» الصمت باحثاً عن «الحكايات» المحفوظة في صدور «البسطاء» وماضياً الى تلك «الدوائر» المغلفة بالنسيان ليكون «صوت» الضمير الحي الذي تردد صداه في أفق «المحاكاة» ليحول «العمل الأدبي» الى منهجية تماثلت بين «الحنين والأنين» وتكاملت أمام «المغرم والمغنم»..
تجول في أحياء الهفوف كإنسان بسيط، يرصد في محاجر «العيون» بقايا الوجع ويقتنص من معابر «الذكرى» خفايا الحديث ليعيش «قصص الناس» من عمق «الواقع» مستلهماً من أحاديث «البشر» وأحداث «العمر» وجهان للرصد أحدهما للتعبير والآخر للعبر.
ظلت قصص «الفزيع» مرايا «تتنوع» نحو الجهات الأربعة منطلقة من «المفرد» وباحثة عن «الجمع» فيما ترسخت رواياته كالطود «العظيم» أمام فضاءات «التساؤل» واكتملت بدراً في سماوات «التفاؤل» بعد أن أجاد العزف على أوتار «المعنى» وأبدع في تسخير «الفكر» في فرض «اكتمال» الواجب وتعزيز «امتثال» الوجوب».
خليل الفزيع.. عقل القصة ورجل الصحافة، صاحب المسيرة الساطعة بإضاءات «الفكر» وإمضاءات «الأدب» وإبداعات «الحرف».

