: آخر تحديث

العراق.. أي مستقبل؟

4
3
4

محمد الرميحي

احتدمت في الأيام الأخيرة المعركة الانتخابية في العراق، وهي معركة تشابه المعارك السابقة، فالانقسام الحاد بين المكونات العراقية قائم، البعض يرى أن الديمقراطية هي ليست صناديق انتخاب، إنما ديمقراطية وعي اجتماعي بقبول الآخر، هذا القبول ليس متوفراً حتى الآن في الساحة العراقية، والمصادمات التي نقرأ عنها ونشاهدها شخصية وقاسية.

المشهد السياسي العراقي على طول الحاجز الطائفي والعرقي، لا يتمحور حول السلطة التنفيذية أو منصب رئيس الوزراء، ولكن حول هوية الدولة العراقية واتجاهها، بين مشروع وطني، أو مشروع إلحاقي.

منذ أن تولى محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة، نجح جزئياً في إدارة ملفات اقتصادية حساسة، مثل العجز المالي والبطالة وإصلاح قطاع الكهرباء، وأيضاً مكافحة الفساد الإداري، ولكن حكومته بقيت رهينة التوازنات داخل ما يسمى بالإطار التنسيقي، الذي أوصله إلى الحكم، ويضم أحزاباً شيعية، ومنها كتلة نوري المالكي وهادي العامري، وعصائب أهل الحق، ومجموعات أخرى.

شعارات المرشحين في بعضها مضحك للغاية، وتحمل الكثير من الطائفية والتحشيد غير العقلاني ضد الآخر.

وبدا في الأيام الأخيرة أن المعركة هي بين السوداني، وبين نوري المالكي، وهو رئيس الوزراء الأسبق، كلاهما في التيار الشيعي المؤتلف، ولكنهم متفرقون في السنوات الأخيرة.

السوداني مؤيد من المرجعية في النجف، وأيضاً له تأييد في الطائفة السنية وجمهوره في طائفته، أما المالكي، فهو لا يخفي علاقته بإيران، وهي لا تخفي دعمه، أما التيار الصدري، وهو تيار كبير، يتبع رجل الدين مقتدى الصدر، فقد أعلن مقاطعته للانتخابات، بسبب الصدمات التي تلقاها في السابق.

والسؤال المركزي، هل سوف نرى عراقاً جديداً في ما بعد الأسبوع القادم؟ وظهور النتائج، أم أن الأمور ستظل في مكانها، تراوح بين قوى سياسية تختلف في ما بينها في كل التفاصيل.

العراق منذ تحريره من النظام السابق، وهو في أزمة في داخله، مع العلم أنه يحتفظ تحت أرضه بكم كبير من احتياطيات النفط، كما أن لديه مناطق زراعية واسعة، وقدرة على التصنيع، وأيضاً تحمل مكوناته الاجتماعية قدرات بشرية متنوعة، مع كل هذه العناصر من محركات النمو، وبسبب سوء الإدارة، والصراع على الثروة والحكم، فشل في التنمية.

الصراع في غالبه على المال والثروة والسلطة، وهذه أجواء تعطل التنمية وتفقر الناس.

يتطلع الإقليم أن يرى عراقاً أفضل مما شاهدناه في السابق، السوداني يتبع النموذج البراغماتي، حيث يسعى إلى إبراز صورة الدولة المتوازنة ذات السيادة، وبعيدة عن النفوذ الخارجي جزئياً، ومحاولة لتحديث الدولة عبر مؤسسات قوية، أما المالكي فيستند على إرثه السياسي الطويل، كرئيس وزراء بين 2007 و2014، هو رئيس ائتلاف دولة القانون، ويحاول العودة منذ ذلك الوقت إلى السلطة، بعد أن خسرها في أعقاب اجتياح «داعش» للموصل في 2014.

أما الأكراد، فيواجهون بدورهم خلافات بين الحزبين الكبيرين حول تقاسم العائدات النفطية، وملف كركوك، بغداد ما زالت تراوح بين التهدئة والتوتر مع الكرد، النفوذ الإيراني حاضر بقوة في المشهد السياسي العراقي، إيران تملك نفوذاً واسعاً في معظم الأحزاب الشيعية والفصائل المسلحة، وتعمل على أن يبقى الأمر كما هو، أما الولايات المتحدة، وهي الطرف الثاني من المعادلة، تحاول التركيز على منع الانزلاق العراقي نحو محور نفوذ إيراني كامل، وتتابع ملف إعادة هيكلة القوات الأمنية والعلاقات مع التحالف الدولي، بين هذين الطرفين والطرف العربي، تكمن أهمية الانتخابات القادمة، هل هناك احتمال استمرار، أم هناك تغير؟

السوداني يملك فرصة قوية للاستمرار، وأيضاً التغيير، في المقابل، يعتقد آخرون أن المالكي يملك أدوات تنظيمية عميقة الجذور في الدولة، قد تمكنه من العودة، أو فرض شروطه في التشكيل الحكومي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد