أحمد محمد الشحي
منذ فجر التاريخ كانت الأوهام والخرافات أدواء عضالاً تهدد المجتمعات، وتنخر في وعيها وإيمانها، وتتخذ صوراً متعددة وأشكالاً متجددة، وتلبس في كل عصر أقنعة جديدة، لتغري النفوس الضعيفة الباحثة عن الأمل الكاذب، وتغوي اليائسين، الذين يبحثون عن حلول زائفة لمشكلاتهم، ولو بأن يتشبثوا بقشة لا تنفعهم في شيء.
وقد تجاوزت هذه الظواهر في العصر الحديث المظاهر التقليدية، لتتسلل عبر وسائط رقمية وحسابات اجتماعية، يدعي أصحابها أنهم يعرفون الغيب، ويفكون الأسرار، ويضعون لأنفسهم ألقاب خبراء ومستشارين وروحانيين وغير ذلك، لإضفاء هالة زائفة على ادعاءاتهم.
إن الإنسان بطبيعة الحال يمر بظروف مختلفة، وقد تعترض طريقه مشكلات وأزمات، يعجز عن إيجاد حلول لها، فيقع في دوامة القلق، ويبحث عن مخارج سريعة دون وعي، ويلتمس الطمأنينة النفسية في غير مساراتها الصحيحة.
وقد عالج الإسلام هذه المعضلة، فمد يده إلى اليائسين والمنكسرين والمحرومين، ليرفعهم إلى مقام علي، يجدون فيه السلام النفسي والسكينة والاطمئنان، حينما يتعلقون برب الأرض والسماء، الذي خلقهم، وقدر لهم هذه المقادير لحكم كبرى، فيؤمن الإنسان بقدر الله تعالى، وحكمته، ورحمته، ويستجلب منه دفع المضار وجلب المنافع، ويحسن التوكل عليه، مستحضراً قوله عز وجل:
وفي المقابل سد ديننا الحنيف الطريق أمام المشعوذين والدجالين وأشباههم، فجرم فعلهم، وحرّم الإتيان إليهم وتصديقهم، وعدّ ذلك من كبائر الذنوب، لأن في الانقياد إليهم إفساداً للعقيدة، وإضعافاً للعقل، وهدراً للمال، وضياعاً للجهد فيما يضر ولا ينفع، ونشراً للخرافة والتخلف، وقد حذر النبي، صلى الله عليه وسلم، من يمارسون هذه الأعمال.
وقد وقف القانون الإماراتي بالمرصاد لتجار الأوهام، حفاظاً على المجتمع، فجرم كل من ارتكب بقصد استغلال الغير أو الإضرار به عملاً من أعمال المخادعة أو الشعوذة أو الدجل، سواء كان ذلك حقيقة أو خداعاً، بمقابل أو بدون مقابل، كما جرم كل من استعان بآخر في هذه الأعمال، أو حاز أي نوع من الأدوات المخصصة لها، أو روج لهذه الأعمال بأي وسيلة من الوسائل.