خالد بن حمد المالك
منذ النكبة الفلسطينية، وقرار مجلس الأمن بتقسيم أراضي الدولة الفلسطينية إلى دولتين، واحدة يهودية، والأخرى فلسطينية، والفلسطينيون في انقسامات حادة، لا تطابق فيما بينهم في وجهات النظر، ولا وجود لوحدة الكلمة في مواجهة المخطط الدولي لإذابة قضيتهم، وحرمانهم من إقامة دولة لهم على الجزء الذي كان خارج الاحتلال الإسرائيلي.
* *
ظل الفلسطينيون بتنظيماتهم وحركاتهم وأحزابهم وفصائلهم في خلافات، بحسب انتماء وتحالف كل فريق إلى الدول التي تموله، وتفرض عليه سياساتها، ما جعل القضية الفلسطينية، والتعامل معها، أرضاً وبيئة ومصدراً للصراعات بين التوجهات العربية، على حساب مستقبل الدولة الفلسطينية المنشودة، وعلى حساب وحدة الصف بين الفصائل الفلسطينية المتعددة الانتماءات والتوجهات والسياسات.
* *
فعانت القضية، والمطالبة بإيجاد حل يضمن إقامة دولة فلسطينية، ما عانت من المؤامرات الخارجية التي كانت تمر من خلال هذا التمزق والصراعات والخلافات بشأن آليات الحل الشامل والعادل لمعاناة الشعب الفلسطيني، وحقه في تقرير المصير، والإقامة بدولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، دون منٍّ أو تكرُّم من أي أحد، اعتماداً على حقوقه المشروعة التي أقرتها القوانين الدولية، والقرارات ذات الصلة.
* *
كانت حرب 1967م وما أفرزته من احتلال إسرائيلي للضفة الغربية التي كانت تحت سيطرة الأردن، وقطاع غزة الذي كان يُدار من مصر، قاصمة ظهر الدولة الفلسطينية، ولحلم الفلسطينيين بأن تكون لهم دولتهم الحرة المستقلة، بحدودها الأمنية، فقد كانت الرياح تجري بغير ما كان يتمناه الفلسطينيون والعرب.
* *
الآن يتحرك الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بقوة، ويقود مع الرئيس الفرنسي العالم إلى مؤتمر للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقد نجح باعتراف 159 دولة بينها دول غربية وازنة كبريطانيا والبرتغال وإسبانيا وكندا وفرنسا، وهو إنجاز على الفلسطينيين البناء عليه، بمنع التصعيد في الخلافات فيما بينهم، والاتفاق على كلمة سواء، تنهي الاحتلال الإسرائيلي البغيض.
* *
للأسف أن اجتماعهم الأخير في القاهرة، وصدور بيان عنه، خلا من وجود منظمة فتح، وغاب عنه التعامل بحكمة مع ما تقتضيه التطورات الأخيرة المتسارعة بعد أحداث السابع من أكتوبر، والأهم أن شكل البيان صيغ بأسلوب عاطفي، لا يعطي إشارات قوية مقنعة على حسن التعامل دون تفريط مع أهم ما يقتضي به الموقف إثر هذا الاجتماع الموسع، بحيث لا يتصادم مع ما تراه الدول الكبرى النافذة، وأيضاً عدم التفريط بحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق.
* *
الطريق للتحرير، وإقامة الدولة الفلسطينية، يمر عبر إنهاء الخلافات، إنهاء التبعية للدول، واستثمار هذا الزخم في اعترافات الـ159 بدولة فلسطينية في التأسيس لمنهج جديد، ونهج صادق، في معالجة أسباب تقزيم القضية الفلسطينية، وتشويه صورة الفلسطينيين، وصولاً إلى تحقيق الحلم الجميل الذي نتمناه، مع أن تحقيق ذلك معادلة صعبة ما بقيت الخلافات على ما هي عليه، وما بقيت الفصائل الفلسطينية تأتمر للخارج، وتلبي سياسات الدول، فكل فصيل وما يحققه من مكاسب لحزبه يحدد اتجاه ارتباطه مع الخارج، مع ما في ذلك من أضرار على القضية الكبرى، وعنوانها دولة فلسطينية بحدود آمنة على أراضي حدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

