: آخر تحديث

سيوف القذّافي وطيوفه

1
1
1

يُقالُ في المثلِ العربيّ الدَّارج: «إذا وقعَ الجمل كثرت سكاكينه»، والجملُ هنا، أو لنقلِ الثور، بحكم أنَّ أوروبا لا جِمال فيها، هو الرئيسُ الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي الذي حكم عليه القضاء الفرنسي بالسجن، بعد إدانته بتلقّي أموالٍ «رشوة» من نظامِ معمّر القذّافي، لتمويلِ حملتِه الانتخابيةِ، وغير ذلك من مصالحِه السياسية الفرنسية.

القذّافيون يشعرون اليومَ براحةٍ من الحكّة النفسية المؤلمة، جرّاءَ غدرِ الفرنسي ساركوزي بهم، و«بيعِه» لزعيمهم الرجل الأخضر، معمر القذّافي، وكلّ نظامِه، ونهايته تلك النهاية البائسة في ضواحي «سرت» ثم نقل جثمانه إلى مدينة مصراتة، وعرضِه أمام الملأ وتفرج الأطفال عليه، ثم دفنه مع نجلِه المعتصم، ووزير دفاعه أبو بكر يونس جابر في مكانٍ مجهولٍ من الصحراء الليبية.

الرواية السائدة أنَّ ساركوزي هو الذي خانَ القذّافي ودبّر مقتلَه السَّريع، حتى لا تخرج أسرارُ السياسة المظلمة، وما حُوكم عليه المسيو ساركوزي هو جزءٌ منها.

سيفُ الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي السابق، وخليفتُه الذي كان مُنتظراً، علّق شامتاً بـ«العدو» ساركوزي، ودافعَ عن قضية تمويل الحملة الانتخابية الفرنسية له، وقال إنَّ الأموال التي دُفعت «كانت تستهدف مساعدةَ الشعب الليبي، ولكن ساركوزي خذله».

ومع توجُّه ساركوزي إلى سجن «لا سانتي» في باريس، الثلاثاء الماضي، لتنفيذ العقوبة، دوَّن سيفُ الإسلام القذافي بمنصّة «إكس» شامتاً: «في مثل هذه الليلة، من عام 2011، كنتُ مرميّاً في صحراء زمزم، جريحاً، مطارَداً من طائرات (الناتو) وعملائه على الأرض، وكان ساركوزي ينام في قصر الإليزيه». وأضاف: «واليوم، ها أنا أنام في غرفة نومي الجميلة، وساركوزي ينام في زنزانته الانفرادية الموحشة... لقد اشتغلت 14 عاماً حتى نصل إلى هذه النتيجة». سيف ختم تعليقه الشامت بحليف قبل الأمس وعدو الأمس وصريع اليوم بالقول: «أراد ساركوزي أن يزورني في زنزانة بلاهاي، فأرسلناه إلى سجن لا سانتي».

رجل آخر من أركان القذّافية السياسية عزّز رواية سيف القذّافي، وهو أحمد قذّاف الدم بالقول عبر فضائية «المشهد»: «كنّا نبحث عن صديق في الإليزيه، ونسعى لبناء الولايات المتحدة الأفريقية، وعندما ظهر ساركوزي حين كان وزيراً للداخلية والتقاه الأخ عبد الله السنوسي وآخرون، رأوا فيه شخصاً يمكن أن يكون مفيداً لليبيا في المرحلة المقبلة».

تُرى كم من صفقة عُقدت في الظلام، ظلام الأزقّة السياسية الرطبة المنزوية عن الأنظار، ولم يُفطن لها، ولم يدرِ بها سمع الزمان ولا بصره؟!

ما جرى لساركوزي جزءٌ يسير من الصورة الكاملة، وهي لقطة نادرة، للكشف، ومفيدة في أنَّ ما نراه أو نسمعه، في العلن، لا يُعبّر عن «كامل» الحكاية، وهذا يسري عبر التاريخ، وليس اليوم فقط... و«لتعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ».

هذه ومضات من سيوف القذّافي ولمحات من طيوفه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد