: آخر تحديث

ستدفع الثمن مرتين ظالماً ومظلوماً

1
2
2

تورَّطنا جميعاً شئنا أم أبينا في متابعة «السوشيال ميديا»، التجاوز في استخدام الكلمات النابية والجارحة سيطر على المشهد، ومن يقترب من دون استخدام سترة نجاة، سيغرق في بحر بلا قرار، ولا فرار.

كلنا نتعرض لتجاوز هنا أو هناك، ضربة مقصودة أو عشوائية تصيبنا، هل المطلوب مواجهة الكلمة بكلمتين، واللكمة بلكمتين، والتجاوز بسيل منهمر من التجاوزات.

الانفلات الأخلاقي له مفرداته، وله أيضاً رواده، هناك من يجيدون الدخول إلى هذا المعترك، وهم يملكون غطاءً واقياً، لن تفرق معهم، مهما نالتهم ضربات وكأن شيئاً لم يكن.

إنهم يذكرونني بقصة طريفة رواها في أحد البرامج عادل إمام، عن مرحلة الصعلكة، في بواكير المراهقة، عندما قرروا كشلة أخذ ثأرهم ممن يطلقون عليهم توصيف «شبيحة»، كان هذا «الشبيح» قد أهان أحد زملائهم في المدرسة، وتزعم عادل إمام تلك المجموعة الغاضبة، وذهبوا على قلب رجل واحد، إلى المعتدي في عقر داره، وفي لحظات وجدوه أمامهم كما ولدته أمه، ممسكاً آلة حادة وبدأ في توجيه ضربات عشوائية، إلى وجهه وأجزاء متفرقة من جسده وسالت دماؤه، على الفور فر عادل والمجموعة وعادوا مهرولين إلى بيوتهم، بعد أن أحكموا إغلاق أبوابها، أدرك عادل أنها معركة سيخرج منها لا محالة مثخناً بالجراح.

تابعت قبل أيام الممثل الموهوب الذي اصطحب ابنته لمهرجان «الجونة»، الفتاة لا تتجاوز 17 عاماً، وارتدت ملابس تتوافق مع سنوات عمرها، وتلقى الممثل، سيلاً لا ينقطع من الشتائم، تتهمه بأنه يخالف الشريعة والعادات والتقاليد، وأقل الكلمات عنفاً هي تلك «استر ابنتك»، الفنان لم يتحمل وبدأ في الرد، وهكذا وجد نفسه وابنته في مواجهة جحيم من الألفاظ النابية، وتورط في المعركة، واجههم ورد عليهم، وأنتم طبعاً تدركون أن الفائز في نهاية المطاف هو الأكثر انفلاتاً، تابعت أيضاً نجماً كبيراً اتهموه في أعز ما يملك وهو ولاؤه الوطني، ولم يتحمل قسوة الاتهام، ورد عليهم بكلمة متجاوزة، وجاءت الفرصة للطرف الآخر على طبق من ذهب، لينهال عليه، بأبشع الألفاظ وأحقر الاتهامات.

على الشاطئ الآخر، أتذكر تلك الواقعة قبل نحو خمس سنوات، نجمة صاعدة أنجبت طفلة تعاني من ضعف في السمع، فكتب أحدهم تعبيراً سيئاً بالعامية المصرية، أطلق على الأم لقب «أم الطرشة»، كتبت فقط على صفحتها: «عايزة أصحح المعلومة لحضرتك اسمها ضعف في حاسة السمع»، وأضافت أنها تحب ابنتها الجميلة الذكية، سر سعادتها كلما تبادلت معها الحوار بلغة الإشارة التي تعلمت كل مفرداتها من أجل ابنتها، هذا المتنمر غليظ المشاعر، اعتذر، أنا أدرك قطعاً أنه يشكل الاستثناء، هؤلاء عادة ولا تفرق معهم، ويمعنون في السخرية والتجاوز والطعن في الذمة الأخلاقية والوطنية.

في مثل هذه الأمور يجب أن نمتلك فيضاً من القدرة على الثبات الانفعالي، ومن الممكن أيضاً اللجوء لشرطة «الإنترنت» وإثبات الجريمة واللجوء للقانون الذي يمتلك الكثير من وسائل الردع، حتى لو أفلت الجاني مرة، من الممكن في الثانية أو الثالثة أن يعاقب بالسجن والغرامة.

الرد بالكلمة والحركة المتجاوزة هو هدف الطرف الآخر، أنت تذهب بقدميك إلى ملعبهم، تذكَّر أنهم لن يتركوك تعود سالماً طالما اقتحمت «عش الدبابير»، سوف تخرج من تلك المعركة الصفرية بمزيد من اللدغات والطعنات، نعم «البادي أظلم»، ولكنك لو تورطت في الرد ستدفع أنت الثمن مرتين ظالماً كنت أو مظلوماً.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد